فصل في الاستقبال، والأصل فيه قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، أي جهته، نزلت بعد أن صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا فكانت ناسخة لذلك (?))، وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه أن تكون قبلته قِبَلَ البيت، وأنه (?) أول صلاة صلاها إليها صلاة العصر، وصلى معه قومه، فخرج رجل ممن صلى معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الكعبة، فدَارُوا كما هم قِبَل البيت، وكانت اليهود قد أعجبهم؛ إذ كان يصلي قبل بيت المقدس فلما ولى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك فنزل: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}، فقال السفهاء وهم اليهود: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}، فرد عليهم بقوله: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، ولما وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة قالوا: (يا رسول الله كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس (?))، فأنزل الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}، وما مر من أن أول صلاة صليت إلى بيت الله تعالى: العصر، لا ينافي أنها حولت إلى بيت الله تعالى في الركعة الثالثة من الظهر، فجمع فيها بين القبلتين؛ لأن المراد أول صلاة تامة. ووقع في البخاري: (فحولت في ركوع العصر (?)). قاله الشيخ الخرشي. وأخرج الطبري عن ابن جريج قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم (أول ما صلى إلى الكعبة، ثم صرف إلى بيت المقدس وهو بمكة فصلى ثلاث حجج، ثم هاجر فصلى إليه بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرا، ثم وجهه الله إلى الكعبة (?)). نقله محمد بن عبد الباقي. وسميت القبلة قبلة لأن المصلي يقابلها. واعلم أن الكعبة هي بيت الله الحرام، وهو أول بيت وضع للناس، قال جل من قائل: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015