قال مقيد هذا الشرح عفا اللَّه عنه: والحاصل أن العمد في النفس في مال الجاني حالا حيث عفي على الدية أو سقط القصاص لزيادة إسلام أو لأبُوَّةٍ، وأما الجناية عمدا في الطرف فإن عفي للدية أو سقط القصاص لكون المجروح كاملا جرحه ناقص، أو لكون الجاني زائد إسلام، أو لعدم المماثلة فكذلك أي في مال الجاني حالة، وأما إن سقط القصاص لإتلاف الجناية فإن العاقلة تحمل ما بلغ الثلث من ذلك، كان الجاني زائد إسلام أو ناقصا جرح كاملا، أو كان الجاني مكافئا أو عدم المماثل. هذا هو تحرير المسألة. واللَّه تعالى أعلم.

ولما جرى ذكر العاقلة بين أنها ثلاثة، العصبة ومن بعدها ويلحق بها أهل الديوان لعلة التَّناصُرِ والولاء وبيت المال لا الموالاة والمحالفة، فقال: وهي العصبة يعني أن العاقلة عدة أمور، منها العصبة وأهل الديوان والموالي الأعلون والأسفلون وبيت المال، ثم إن شرط من يحمل أن يكون موافقا للجاني في الدين. وفي الذخيرة: سميت عاقلة لأنها تعقل لسان الطالب، وقيل: تعقل -بسبب الغرامة- الجناية عن الجُنَاة، وقيل: لأن غالبه وأصله: الإبل؛ وهي يؤتي بها معقولة. انتهى. أي لأنها تدفع العقل. الشبراخيتي: وإنما سميت الدية به لأنهم كانوا يعطون فيها الإبل ويربطونها بفناء دار المقتول بالعقال وهو الحبل. قاله الشبراخيتي. وقوله: وهي العصبة قربوا أو بعدوا وهم الذين ينسبون إلى أب واحد، وفي المواق: الجلاب: العاقلة هم العصبة قربوا أو بعدوا ولا يحمل النساء والصبيان شيئا من العقل، وليس لأحوال العاقلة حد إذا بلغته عقلوا ولا لما يؤخذ منهم حد، ولا يكلف أغنياؤهم الأداء عن فقرائهم، ومن لم تكن له عصبة فعقله في بيت مال المسلمين والموالي بمنزلة العصبة من القرابة، ويدخل في القرابة الابن والأب. انتهى. وقال عبد الباقي: وهي العصبة وأهل الديوان والموالي الأعلون والأسفلون، ويدل للثاني ذكرهم بعد.

وللأول قوله: وبدئ بالديوان يعني أنه يبدأ بأهل الديوان على عصبة الجاني، فإِذَا كان أهلُ الديوان العددَ المعتبر في حد العاقلة اكتفي بهم عن العصبة وعن غيرهم. قال عبد الباقي: وبدئ بالديوان على عصبة الجاني ولا بد من التقدير الذي ذكرناه بعد الخبر ليعم الأخبار وليصح ارتباط قوله: "وبدئ" الخ به، ويجوز جعل التقدير في المبتدإ أي وبعض العاقلة العصبة، ثم إن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015