لأن معنى قوله: "بلا اعتراف" أن العاقلة لا تحمل اعتراف الجاني من حيث اعترافه، وأما إذا وجدت شروط الاعتراف فإنها تحملها من حيث القسامة لا من حيث الاعتراف. انتهى كلام عبد الباقي.
قال البناني: بلا اعتراف فإن ثبت باعترافه ففي المذهب أقوال، قيل: الجناية في مال المقر وحده، وقيل: على عاقلته بقسامة وسواء مات المقتول في الحال أم لا، وقيل: تبطل الدية مطلقا، وقيل: على العاقلة بشرط أن لا يتهم المقر في إغناء ورثة المقتول، وقيل: عليهم بشرط أن يكون عدلا، وقيل: بعض عليه وعليهم فما نابه يلزمه ويسقط ما عليهم وهذه الأقوال كلها تستقرأ من المدونة. قاله الشارح. واقتصر ابن الحاجب على أنها على العاقلة بقسامة بشرط أن لا يتهم المقر في إغناء ورثة المقتول، فانظره مع كلام المصنف. انتهى. قوله: فانظره مع كلام المصنف إشارة إلى أنه كان ينبغي للمصنف أن يعتمد على ما اعتمده ابن الحاجب وهو صواب، إذ حاصل كلام الأئمة أن ما ذهب عليه المصنف هو أحد قولي مالك في كتاب الصلح من المدونة، وما درج عليه ابن الحاجب هو أحد قوليه في كتاب الصلح أيضا، وعليه اقتصر في كتاب الديات من المدونة وهو قول ابن القاسم وأشهب وروايتهما، وعليه حمل الأكثر المدونة وهو نص قول مالك في كتاب محمد والمجموعة، قال ابن مرزوق: وهذا هو الذي كان ينبغي للمصنف أن يفتي به. انتهى.
وقول عبد الباقي: وكلام المصنف لا يخالفه لأن معنى قوله الخ، هذا الجواب يسقط به البحث عن المصنف، وقول البناني: قيل الجناية في مال المقر وحده ظاهره بلا قسامة وهو أحد قولي مالك، وقيل عليه بقسامة وهو لمالك أيضا، وقد أطلق غير واحد الخلاف وقيده ابن رشد بما إذا تأخر موت المقتول، وأما إذا مات من حينه فلا قسامة باتفاقهما. واللَّه أعلم. وقول عبد الباقي: كما أصلح سحنونٌ المدونةَ عليه سكت عنه التاودي والبناني مع أنه غير صحيح سرى له ذلك من فهمه كلام ابن غازي على غير وجهه. انظر ما يأتي عند قوله: "أو إقرار القاتل في الخطإ". قال جميعه الرهوني.