المنفعة الكائنة بمحلها أي الجناية فلا تتعدد الدية في ذهابها مع محلها، كقطع أذنيه فزاد سمعه فدية واحدة أو قلع عينيه فزال بصره فدية واحدة ولا حكومة في محل كل، فإن تعددت المنفعة في محل كما لو جنى على لسانه فأذهب ذوقه ونطقه، وكذا إن فعل به ما منع واحدًا منهما أو هما مع بقاء اللسان فدية واحدة إن أذهب ذلك كله بضربة أو ضربات في فور، وأما بضربات في غير فور فَتَتَعَدَّدُ. انتهى.

ومراد المصنف "بمحلها" الذي لا توجد إلا به، فإن وجدت بغيره وبه ولو أكثرها، ككسر صلبه فأقعده وذهبت قوة الجماع فعليه دية لمنع قيامه ودية لعدم قوَّةِ الجماع، وإن كان أكثرها في الصلب. قال عبد الباقي: ولا يشمل قوله: "بمحلها" الأذن والأنف وإن اقتضاه الشارح والتتائي كابن الحاجب، بل في قطع الأذن أو الأنف غير المارن حكومة، والدية في السمع والشم لأن السمع ليس محله الأذن إلى آخر كلامه. قوله: كقطع أذنيه فزال سمعه الخ هذا هو الصواب دون قوله بعد: "ولا يشمل قوله بمحلها الأنف والأذن" الخ، فإنه مخالف لنص ابن الحاجب وابن عبد السلام والتوضيح وابن عرفة والمواق وابن غازي والحطاب وغيرهم، ونص ابن الحاجب: وكذلك الشم فيه الدية ويندرج في الأنف كالبصر مع العين والسمع مع الأذن. انتهى. ونص ابن عرفة: قال اللخمي: إن ذهب الأنف والشم معا، فقال ابن القاسم: فيهما معا دية واحدة، وقال ابن الجلاب: القياس ديتان والأول أحسن. انتهى. وكذا ذكر هذا الخلاف أيضا في ذهاب السمع مع الأذن، وأما تعريف السمع الذي ذكره وكذا الشم فإنما هما للفلاسفة، وإلا فأكمل السنة لا يقولون بذلك، ومن عرفه من أهل السنة بذلك فقد قلد الفلاسفة فيه ولو سلم، فالفقه المنصوص للأئمة لا يدفع بمثل هذا، فتأمله. واللَّه أعلم.

تنبيه

تنبيه: قوله: "إلا المنفعة بمحلها"، قال البناني: يحتمل أن تكون الباء بمعنى: مع، والضمير للمنفعة، ويحتمل أن تكون بمعنى: في، والضمير للجناية أي إلا المنفعة الكائنة في محل الجناية والمعنى واحد، ويحتمل أن تكون للسببية. انتهى.

قال مقيده عفا اللَّه تعالى عنه: أي إلَّا إبْطَال المنفعة بسبب إبطال محلها. واللَّه تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015