سمعه وبصره في الحقيقة، ولو ذهب ما عاد وإنما يحمل ذلك على أنه عرض للأذن سد أو ما أشبه ذلك، وفي العين ما حال بين نفوذ نور العين، فإذا ذهب العارضُ سَمِعَ هذا وأبصر هذا بما كان خُلِقَ يهِ من أولُ، وكذلك العقل فإذا ذهب ثم عاد لم يكن فيه قصاص في العمد ولا دية في الخطإ، واختلف إذا أخذ عقل العين قبل أن يعود نورها ثم عاد، فقال ابن القاسم في المدونة: يرد ما أخذ. وقال أشهب في كتاب محمد: لا يرد ذلك ولعل ذلك، بقضاء إمام عادل. انتهى.
وقوله: فإن عاد ما ذكر للجاني لم يقتص منه فيما يظهر، انظر قوله: فيما يظهر مع تصريح غير واحد بذلك، ونقله ابن عرفة عن ابن رشد واللخميُّ عن الموازية وقبله، ولم يحك خلافه في السن والأذن، فإنه لما ذكر عن ابن رشد الأقوال الثلاثة في عودها في الخطإ قبل الحكم، قال عنه متصلا به: ولا خلاف بينهم في القود فيهما ولو عادا لهيئتهما، فإن اقتص بعد أن عَادَا لهيئتهما فعادت أذن المقتص منه فذاك، وإن لم تعد فلا شَيْءَ له، وإن عادت سن المستقاد منه ولم تكن عادت سن الأول ولا أذنه غرم العقل. قاله أشهب في الموازية. ثم قال: وذكر -أي اللخمي عن محمد-: إذا عادت سن الجاني وأذنه ولم يعودا من المجني عليه مثل ما ذكر ابن رشد. انتهى. ونص كلام اللخمي، قال محمد: ولو رَدَّ ذلك المستقاد منه في الأذن والسن فثبتت ولم تثبت للأول رأيت لصاحب السن أو الأذن عقلها ولم أر له أن يقتص منه ثانيا؛ لأن حق الأول كان شيئين وجود الألَمَ وذهاب ذلك الشيء، وقد كان وجود الألم مرتين فجعلت له الدية دون معاودة القصاص، والقياس أن يكون له أن يقطعه ثانية لأن وجود الألم تبع والعمدة وجود الشين والمثلة بذهاب ذلك منه كالأول، وإذا كان له منعه وكان متعديا في إعادة ذلك كان له إزالة ما تعدى فيه. انتهى.
وفي الأذن إن ثبتت تأويلان يعني أنه إذا قطع أذنه خطأ فأخذ لذلك عقلها ثم إن الأذن ردت فثبتت، فإن الشيوخ اختلفوا في ذلك، فذهب ابن رشد إلى لزوم العقل وأن المجني عليه لا يرده إن كان قد أخذه، قال في البيان: وهو مذهب المدونة، ورأى عبد الحق مذهب المدونة كرواية يحيى عن ابن القاسم: لا عقل لها فيرد المجني عليه العقل إن كان قد أخذه. قاله التتائي. والفرق بين السن والأذن على القول بالرد في الأذن أن الأذن إذا ثبتت جرى فيها الدم، والسن