وصدق مدعي ذهاب الجميع بيمين يعني أنه إذا ادعى ذهاب الجميع فإنه يصدق في جميع الأشياء السابقة؛ يعني يصدق بيمينه بعد الاختبار حيث كان يمكن اختباره كالسمع؛ بأن يصاح بإزائه صيحة شديدة بعد تغفله، فإذا فزع علم أنه كاذب، وكالبصر فإنه يختبر بالأشعة التي لا ثبات للبصر معها أو يشار إلى عينيه بعد أن يغفل، فإن لم يوجد ما يستدل به على كذب صدق بيمينه. وقوله: "بيمين" في غير ادعاء ذهاب العقل؛ لأن المدعى فيه وليه ولا يحلف أحد ليستحق غيره. وقوله: "وصدق مدعى ذهاب الجميع" يعني البالغ وينتظر بلوغ الصبي.
والضعيف من عين ورجل ونحوهما خلقة كغيره يعني أن العضو الضعيف خلقة من عين ورجل ونحوهما من سائر الأعضاء أو لكبر أو من سماوي، كغيره من السليم فيجب فيه العقل كاملا في الخطإ، وقد مر أن فيه القود في العمد.
وكذا المجني عليها إن لم يأخذ لها عقلا يعني أن العضو الضعيف من جناية عليه كالصحيح في وجوب الدية فيه في الخطإ، وقد مر أن فيه القود في العمد وهذا إن لم يكن أخذ الجناية عقلا، وأما إن كان أخذ لها عقلا ثم حصلت جناية ثانية فليس له من ديتها إلا بحساب ما بقي منها: وهذا في الخطإ بدليل قوله: "إن لم يأخذ لها عقلا" الخ، وجناية العمد تقدمت في قوله: "فالقود إن تعمده"، وتقدم أنه يقيد قوله: "وإلا فبحسابه" بما هنا أي حيث أخذ لها عقلا، قال عبد الباقي: وكذا في القود والعقل الكامل المجني عليها قبل ذلك جناية خطأ لم تذهب جلها؛ يعني جل منفعتها ثم جنى عليها آخر فهي كسليم إن لم يأخذ أي إن لم يكن أخذ لها عقلا في الأولى، فإن أخذ لها عقلا نسب الثاني للذاهب وله بحساب ما بقي، كأن ذهب جل نفعه ولو بسماوي أو خلقة.
ثم قال: وحاصل كلامه هنا وفيما تقدم مع زيادة أن ذلك أربع صور؛ لأن الجناية الثانية إن كانت عمدا اقتص من الجاني مطلقا أي، سواء كانت الأولى عمدا أو خطأ، أخذ لها عقلا أم لا، أذهب جل المنفعة أم لا كما تقدم في قوله: "أو لكرمية فالقود إن تعمده"؛ إذ قوله: "أو لكرمية" صادق بكونها خطأ أو عمدا، أخذ لها عقلا أم لا، فهذه ثمان مسائل في الصورة الأولى، الثانية: أن تكون الثانية خطأ والأولى كذلك وأخذ لها عقلا فله في الثانية بحساب ما بقي وهذه مفهوم