حدة السمع ولا في غاية ثقله، ويكون مثله في السن فيوقف المجني عليه ويصاح به من الجهات الأربع، ثم تجعل علامة على انتهاء سمعه فإذا لم يختلف قوله اختلافا بينا أزيل ووقف الرجل مكانه ويصاح به من الجهات الأربع، ثم تجعل علامة على انتهاء سمعة، وينظر ما نقص من سمعه عن سمع الرجل الوسط، ثم يأخذ المجني عليه نسبة ذلك من الدية.
فقوله وله نسبته راجع لهما أي وله نسبة سمعه الصحيح إن كانت أذنه الأخرى صحيحة، أو نسبة سمع رجل وسط إن كانت الأخرى معيبة، ويقبل قوله في المسألتين إن حلف بأن يقول: هذا غاية ما أسمع -مثلا- وهي يمين تهمة؛ إذ الجاني لا يحقق كذب المجني عليه وإنما يتهمه. قاله الشارح.
وعلم مما قررت أنه إنما يكون له من الدية بالنسبة إلى سمعه الآخر أو إلى سمع رجل وسط بشرطين، أحدهما قوله: "إن حلف"، والثاني قوله: ولم يختلف قوله أي المجني عليه اختلافا متباعدا، وإلا يحلف المجني عليه في المسألتين، أو اختلف قوله في المسألتين اختلافا بَيّنًا فهدر أي لا شيء له. وعلم مما قررت أن قوله: "والسمع بأن يصاح" الخ محله إن ادعى ذهاب بعض السمع لا جميعه؛ إذ لا يتأتى في دعوى ذهاب جميع سمعها ما ذكر، بل يختبر بأن تسد الصحيحة ثم نتغافل عنه حتى نجد منه غفلة فيصاح بصوت عنيف، فإذا فزع علم أنه كاذب. قاله البناني. وقال عبد الباقي: وجرب السمع الذاهب بدعوى المجني عليه من إحدى أذنيه يعني بعض سمعه كما يأتي له بأن يصاح مع سكون الريح من أماكن مختلفة المشرق والمغرب والجنوب والشمال ووجه الصائح لوجهه في كل جهة، وله أن يبدأ من بُعْدٍ ثم يقرب وعكسه، وكذا يقال في البصر مع سد الصحيحة سدا متقنا ثم يقرب منه أو يبعُد عنه شيئا فشيئا إلى أن يسمع، ثم تسد تلك الأذن وتفتح الأذن الصحيحة ويصاح به كذلك ولو من مكان واحد فيما يظهر، ثم ينظر أهل المعرفة ما نقص من سمع المجني عليها ونسب لسمعه الآخر في الأذن الصحيحة، ويأخذ من الدية بتلك النسبة كما يذكره وإلا يجن عليه في إحداهما بل فيهما، ولكن بقي فيهما بقية أو في إحداهما والأخرى معدومة أو ضعيفة قبل ذلك فسمع وسط أي يقضى له بالدية بالنسبة إلى سمع رجل سمعا وسطا لا في غاية حدة السمع ولا في غاية ثقله، ويكون مثله