القصاص وهو أن يفعل به فعلا يتبين منه أنه قصد به إزهاق روحه مثل أن يضجعه فيذبحه ونحو ذلك فخطؤه كخطإ غيره، والقسم الثاني تغلظ عليه فيه الدية ولا يقتص منه إلا إذا اعترف بقصد قتله، والقسم الثالث يقاد منه.
وقوله: كجرحه تشبيه في التغليظ في الحال التي لا يقتص منه فيها؛ أي كجرح الأب لولده جرحا لا يقتص منه فإن ديته تغلظ بحسبه فالتشبيه تام، فالحاصل أن الجراح تجري مجرى القتل وذلك إن أخذ سكينا فقطع به يده أو أذنه أو أضجعه فأدخل إصبعه في عينه ففقأها فإن هذا يقاد منه. قاله ابن القاسم وأشهب. وقيل: إن الجرح إنما فيه التغليظ فلا يجري فيه التفصيل الذي في القتل، وقوله: "كجرحه" سواء بلغ الجرح ثلث الدية أم لا، ففي الجائفة ثلث الدية بالتغليظ وكذا المأمومة، وهكذا بقية الجراح على قدر نسبتها من الدية، وسواء كان في الجرح شيء مقرر أم لا، وعلى ما قررت به المصنف فالضمير في جرحه عائد على الأب من إضافة المصدر إلى فاعله، ويحتمل أن يعود على الولد فيكون من إضافة المصدر إلى مفعوله، وتقرير الشبراخيتي صريح في أن الضمير في جرحه عائد على العمد؛ يعني أن جرح العمد تغلظ فيه الدية سواء كان الجارح أبا، ويكون التغليظ حينئذ بالتثليث أو أجنبيا ويكون التغليظ حينئذ بالتربيع.
قال الشبراخيتي: كجرحه أي جرح العمد سواء كان الجارح الأب أو أجنبيا، فإن كان الأب فالدية مثلثة وإن كان أجنبيا فهي مربعة، وظاهر كلامه سواء كان في الجرح شيء مقرر كما لو ضربه بعود ففقأ عينه مثلا فعليه ديتها مغلظة أو لم يقدر فيه شيء، وعليه فإذا كان فيه حكومة فإنه يؤخذ بنسبة النقصان من الدية الغلظة سواء كانت مثلثة أو مربعة، فإذا كان فيه حكومة وكانت يسيرة بحيث تجتمع في واحدة مثلا فإنه يؤخذ من كل نوع ربع، فيؤخذ ربع بنت مخاض وربع بنت لبون وربع حقة وربع جذعة، ويجري مثل ذلك في المثلثة فيؤخذ ثلاثة أعشار حقة وثلاثة أعشار جذعة وأربعة أعشار خلفة فيكون شريكا بالأجزاء المذكورة. انتهى. ونحو هذا التقرير لأحمد وارتضاه مصطفى. واللَّه تعالى أعلم.
ثم بَيَّنَ كيفية التغليظ بالتثليث في القتل بقوله: بثلاثين والباء للآلة حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلِفة بكسر اللام أي حوامل، سواء كانت حقة أو جذعة أو غيرهما وسواء أول الحمل أو وسطه،