قال مقيده عفا اللَّه تعالى عنه: وبالغ على ما بعد السبب لئلا يتوهم أنه لا تصح وصيته حينئذ لأنه كالمغلوب على عقله مما أصابه، وعلى ثلثه وشيء معين لما يتوهم من أن ديته في مقابلة نفسه فليست من ماله، ولأن المعين ليس من الدية إذ هو حقيقة أخرى فلا يدخل في الدية. واللَّه تعالى أعلم.
وفي المواق ما نصه: ابن يونس: قال ابن القاسم: قال مالك: إذا عفا المقتول خطأ عن ديته جاز ذلك في ثلثه، فإن لم يكن له مال وأوصى مع ذلك بوصايا فليتحاص العاقلة وأهل الوصايا في ثلث ديته، ولو أوصى لرجل بثلثه بعد الضرب دخلت الوصايا في ديته لأنه قد علم أن قتل الخطإ مال، وكذلك لو أوصى بثلثه قبل أن يضرب وعاش بعد الضرب ومعه من عقله ما يعرف به ما هو فيه فلم يغير الوصية فإنها تدخل في ديته، إلا أن تختلس نفسه ولا يعرف له بعد الضرب حياة فلا تدخل الوصايا في ديته. وقوله: "وتدخل الوصايا فيه" أي في دية الخطإ كما مر، وكذا ما فيه حكومة أو بعض دية وكذا عمد لا قصاص فيه.
بخلاف العمد يعني أن دية العمد لا تدخل فيها الوصايا وإن عاش بعد الضرب لأنها مال لم يعلم. قال المواق في نقله: ولو كان القتل عمدا فقبل الأولياء الدية لم تدخل فيها الوصايا وإن عاش بعد الضرب، وتورث على الفرائض إلا أن يكون عليه دين فأهل الدين أولى بذلك إذ لا ميراث إلا بعد قضاء الدين. انتهى. وقال التتائي: بخلاف دية العمد لا تدخل فيها الوصايا، وإن عاش بعد الضرب لأنها مال لم يعلم به ولا سيما إن كان أوصى قبل سبب الموت؛ لأن الدية إنما تقع بدلا عن القصاص وهو بعد الموت، وكما لو قال: إن قبل أولادي الدية فوصيتي فيها وأوصى بثلثها لم يجز، ولو قال: يخرج ثلثي مما علمت ومما لم أعلم لم تدخل في ذلك الدية لأنه مال لم يكن. قاله ابن رشد. انتهى.
إلا أن ينفذ مقتله ويقبل وارثه الدية وعلم يعني أن الوصية لا تدخل في دية العمد إلا بثلاثة شروط؛ أحدها: أن ينفذ مقتله قاتله، مثل أن يقطع نخاعه أو مصيره وبقي حيا يتكلم. ثانيها: أن يقبل وارثه الدية. ثالثها: أن يكون المجني عليه الموصي قد علم بقبول وارثه للدية، قال المواق: قال ابن يونس: لو أنفذ قاتله مقاتله مثل أن يقطع نخاعه أو مصرانه وبقي حيا يتكلم فقبل أولادد الدية وعلمها فأوصى فيها لدخلت فيها وصاياه لأنه مال طرأ له، وعلم به قبل زهوق