الصلح كبيع الدين بالدين إذ الدية مَالٌ دَيْنٌ وما صالح به مأخوذ عنها، فيمنع بمؤجل ذهب عن ورق وعكسه لأنه صرف مستأخر، وكذا بيعه بأحد النقدين حالا لما مر من أن صرف ما في الذمة بمعجل إنما يجوز إذا كانا حالين، وما هنا بيعه عما هو مؤجل عليه وعلى العاقلة ففيه صرف عما في الذمة. وأما بيعه بعرض أو إبل فجائز مع الحلول. انتهى. قوله: بيع الدين بالدين الصواب إسقاط قوله: بالدين. وقوله: فجائز مع الحلول صوابه مع التعجيل. قاله البناني. وقال المواق من المدونة: من جنى خطأ وهو من أهل الإبل فصالح الأولياء عاقلته على أكثر من ألف دينار جاز إن عجلوها، فإن تأخرت لم يجز لأنه دين بدين، وفي العمد جائز لأنه ليس بمال. انتهى. وعلم من كلامهم هنا أنه لو حل ما على العاقلة من الذهب لجاز أخذ الورق عنه حالا، وكذا لو حل ما عليها من الورق لجاز أخذ الذهب عنه حالا. واللَّه تعالى أعلم.

ولا يمضي على عاقلة يعني أن الجاني جناية خطإ إذا صالح عن العاقلة فإن صلحه لا يمضي عليهم أي لا يلزمهم؛ لأن العاقلة يدفعون الدية من أموالهم فإذا جنى شخص جناية خطأ تحملها العاقلة، كأربعين من الإبل على أهل الإبل فصالح الجاني المجني عليه على خمس مائة دينار، فللعاقلة أن يردوا ما ينوبهم من ذلك، وكما لو قتله خطأ وهو من أهل الإبل فصالح الجاني أولياء المجني عليه على ألف درهم فإن ذلك لا يمضي على العاقلة. قال عبد الباقي: ولا يمضي صلح الجاني خطأ على عاقلة له بغير رضاها لأنها تدفع الدية من مالها، فلا يلزمها صلحه. انتهى. وقال الشبراخيتي: وظاهر كلام ابن الحاجب أن صلحه على العاقلة ماض فيما ينوبه. انتهى.

كعكسه يعني أن صلح العاقلة لا يمضي على الجاني، قال عبد الباقي: أي لا يمضي صلح العاقلة لولي الدم على الجاني بغير رضاه، كما لا يلزمه صلح أجنبي عنه بغير رضاه، والتعليل المذكور في الأول يقتضي أنه إذا صالح عنها بمثل الدية أو أقل فإنه يمضي، وظاهر المصنف عدم المضي مطلقا، وعلل بأنه كالفضولي ثم صلحه عنها ماض فيما ينوبه كما هو ظاهر المدونة، كصلحهم عنه فيمضي فيما ينوبهم فيما يظهر. انتهى. قوله: فيما يظهر يجب الجزم بهذا ولا يحتاج لقوله فيما يظهر. انظر الرهوني. وقال التتائي: كعكسه فلا يمضي صلح العاقلة لولي الدم على الجاني إن لم يرض به. انتهى. وقال المواق من المدونة: لو صالح الجاني على العاقلة فيما عليها فأبت لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015