كقتل أحد الأولاد أباه عمدا وثبت القصاص لجميع الإخوة ومات أحدهم فيسقط القصاص لإرثه من دمه قسطا أي حصة، فهو كالعفو ولبقية الإخوة حظهم من الدية.

وعلم من المثال المذكور أن المبالغ عليه مقيد بما إذا كان من بقي يستقل بالعفو فإن كان من بقي رجالا ونساء والتكلم للجميع لم يسقط القتل عمن ورث قسطا من دم نفسه حتى يجتمع الرجال والنساء أو البعض من كل على العفو، كمن قتل أخاه شقيقه وترك المقتول بنات وثلاثة إخوة أشقاء غير القاتل فمات أحدهم فقد ورث القاتل قسطا من نفسه، ولا يسقط القصاص حتى يعفو بعض البنات وأحد الأخوين وأحرى لو عفا الجميع. انتهى كلام عبد الباقي بإدخال فيه من كلام الرهوني عفا اللَّه عنهما.

وقال البناني: قال ابن عرفة: وإرث القاتل بعض الدم يسقط قوده به، وفيها: إن ورث القاتل أحد ورثة القتيل بطل قوده لأنه ملك من دمه حصة. الصقلي: قال أشهب: إلا أن يكون القاتل من الأولياء الذين من قام بالدم منهم فهو أولى، فإن للباقين أن يقتلوا، وقال بعض الفاسيين: هو وفاق لابن القاسم. انتهى. وبه يتضح ما ذكره الزرقاني من القيد، فإن قتل أحد ابنين أباه والآخر أمه فقيل لكل واحد منهما القصاص، ويجتهد الحاكم في البداءة، فمن بدأ به فلورثته أن يقتلوا الآخر، وقيل يسقط القصاص عنهما، ويجب لأحدهما دية الأب وللآخر دية الأم. قاله ابن الحاجب. واللَّه أعلم.

وإرثه كالمال يعني أن إرث القصاص كإرث المال، فمن يرث المال يرث القصاص فالضمير في "إرثه" عائد على القصاص، أو الاستيفاء، وهذا قول ابن القاسم في المدونة فإذا مات ولي الدم فإن ورثته ينزلون منزلته ذكورا وإناثا، فتدخل الإناث، وإن ساوت عاصبا في الدرجة سوى الزوج والزوجة فإنهما لا يرثان القصاص فإذا مات ولي الدم عن زوجة فلا نصيب لها في القصاص، وإذا ماتت امرأة لها الاستيفاء عن زوج فلا مدخل له في الاستيفاء، وخالف أشهب فقال: إرث القصاص على نحو الاستيفاء فلا تدخل النساء إلا أن يكن أعلى من الذكور، فابن القاسم يقول: إرث القصاص كإرث المال فمن يرث المال يرث القصاص سوى الزوج والزوجة، وأشهب يقول: إرث القصاص كالاستيفاء لا كالمال فلا تدخل الإناث إلا أن يكن أعلى. واللَّه تعالى أعلم. ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015