محل ضرورة لأجل الصغير كان الحكم كما مر. انتهى. ومحل التخيير في هذه وفي مسألة القطع الآتية، حيث رضي الجاني بدفع الدية، فإن أبى فليس إلا القصاص أو العفو مجانا وحينئذ فلا مخالفة، وهذا خلاف ظاهر كلام المؤلف، فالأظهر الجواب الأول. انتهى.
وقوى الرهوني هذا الجواب الأخير، لكن قال: إن ابن القاسم خالف أصله حيث منع الصلح على أقل من الدية، كما أن أشهب خالف أصله حيث أجاز الصلح على أقل من الدية ونسب ذلك لابن رشد، ونحو ذلك في التوضيح. واللَّه تعالى أعلم. وقال عبد الباقي: وإذا استحق صغير قصاصا بمفرده ليس معه كبير كان لوليه أب أو وصي أو غيرهما النظر في القتل للقاتل أو أخذ دية كاملة، ولا يجوز للولي الصلح [على] (?) أقل منها مع ملاء الجاني، ورجع على القاتل إن صولح بأقل ولا يرجع القاتل على الولي بشيء. ذكره أحمد. ثم محل تخيير الولي حيث استوت المصلحة فيهما، فإن تعينت في أحدهما تعين، وجعل اللام للاختصاص أولى من جعلها للتخيير. وقال أحمد: قوله: "ولوليه النظر في القتل أو الدية كاملة" أي جبرا، هكذا فهم ابن رشد ولذا قال: إن ابن القاسم خالف أصله. انتهى. وهذا هو الأظهر، ويجاب عن ابن القاسم بما مر. واللَّه تعالى أعلم. فإن كان مع الصغير كبير استقل عن ولي الصغير بالقتل على المعتمد، وقيل يتوقف على نظر الوصي معه. انتهى. قاله عبد الباقي. وقال الشبراخيتي: ولا يعارض كلامه هنا ما قبله لأن هذا إذا لم يكن معه كبير. انتهى.
كقطع يده تشبيه تام يعني أن الصغير إذا تعدى عليه شخص فقطع يده فإن وليه ينظر في أمره، فإن رأى القطع أصلح في حق محجوره قطع يد القاطع، وإن رأى أخذ دية اليد كاملة أصلح في حق محجوره أخذها، وليس له أن يصالح على أقل من الدية حيث كان الجاني مليا، ومفاد كلام غير واحد هنا إن استوت المصلحة في هذه والتي قبلها فللولي الخيار، وإلا تعين ما فيه المصلحة. انظر الشبراخيتي وعبد الباقي.