المماثلة للمجني عليها عين أعور وهو الذي ذهب بصر أحد عينيه بجناية أو غيرها فله القود بأخذ نظيرتها من السالم، أو أخذ الدية كاملة ألف دينار على أهل الذهب من ماله لأن عينه بمنزلة عينين. انتهى. وقال الخرشي: قوله: "سالم" أي سالم العين المماثلة فقط، وليس المراد أنه سالم العينين فقط. انتهى. ونحوه للشبراخيتي والتتائي، فإنه قال: وإن فقأ سالم عين أعور عمدا فله أي الأعور القود بأن يأخذ نظيرتها من عيني السالم أو أخذ دية أي دية عين الأعور كاملة ألف دينار عند مالك وجميع أصحابه، وبه قال الخلفاء الأربعة. وإطلاق المصنف السالم يعم سالمهما وسالم مماثلة الأعور فقط وهو قول ابن القاسم، كان الجاني صحيح العينين أو صحيح العين التي مثلها للأعور. انتهى. وهذا الذي نسبته لهؤلاء الشراح، قال البناني نحوه عند ابن عرفة عن ابن القاسم وأشهب، ونصه: قال محمد: قال ابن القاسم وأشهب: كان الباقي صحيح العينين أو صحيح التي مثلها للأعور. انتهى. وما قدمته عن التتائي من قوله: عند مالك وجميع أصحابه، وبه قال الخلفاء الأربعة إنما هو في دية عين الأعور لا في التخيير كما في التوضيح.
وإن فقأ أعور من سالم مماثلته فله القصاص أو دية ما ترك يعني أن الأعور إذا فقأ من سالم العينين العين التي تماثل عينه، فلسالم العينين أن يقتص من الأعور، وله أن يأخذ دية ما ترك وهي عين الأعور ألف دينار على أهل الذهب، وإنما جعل التخيير هنا لعدم المساواة لأن عين الأعور فيها الدية كاملة، بخلاف عين غير الأعور فيها نصف الدية. قال عبد الباقي: وإن فقأ أعور من سالم مماثلته فله القصاص أو دية ما ترك وهو عين الأعور ألف دينار، فالخيار للمجني عليه لعدم المساواة لا للجاني، ويحكم بذلك مع تنازعهما؛ أي قول الجاني: إنما عفا لأخذ دية المجني عليها، وقول المجني عليه: إنما عفوت لأخذ دية ما تركت للجاني. انتهى.
وأما ما يأتي في قوله: "وجاز صلحه في عمد بأقل أو أكثر" فمع التراضي، وفي المدونة: قال مالك: إن فقأ الأعور عين الصحيح التي مثلها باقية للأعور فله أن يقتص وإن أحب فله دية عينه، ثم رجع فقال: إن أحب اقتص وإن أحب فله دية عين الأعور ألف دينار، وهذا أعجب إلي. انتهى. نقله المواق. وهذه عكس التي قبلها فالأعور في هذه هو الجاني، وفي التي قبلها هو المجني عليه. واللَّه تعالى أعلم.