المواق، فإنه قال: وإن عفا المجروح عن نصف الجرح، فلسحنون في المجموعة والعتبية: إن أمكن القود من نصفه [لقيد] (?) منه، وإن لم يكن فالجارح مخير في إجازة ذلك ويغرم نصف العقل، وإلا قيل للمجروح: إما إن تقتص أو تعفو. وقال أشهب: يجبر على عقل النصف. انتهى.
قال الرهوني: ومع ذلك فلا حجة فيه لابن عرفة لوضوح الفارق، فإن من جرح جرحا فيه أنملتان مثلا إذا عفا عن نصفه فاقتص بأنملة في محل الجرح فعل عين ما أبيح له، في محله الخصوص وعفوه عن الأنملة الأخرى، لا يصيره فاعلا غير ما أبيح له وإنما هو بمنزلة من قطعت يداه معا فاقتص من إحداهما وعفا عن الأخرى ومن قطع من المرفق وأراد أن يقطع من الكوع هو فاعل القطع في غير محله الذي أبيح له وصانع غير ما أبيح له قطعا، ولا شك أن ذلك قد ثبتت له العصمة من المقطوع من المرفق كما ثبتت لسائر أعضاء القاطع غير يده، فالانتقال إليه كالانتقال من اليمنى إلى اليسرى أو من يد إلى رجل ونحو ذلك فافترقا، ولذلك -واللَّه أعلم- رجع ابن عرفة عن ذلك في درسه كما قاله ابن ناجي في شرح المدونة، فإنه قال: قال ابن عرفة في درسه: لا يقال بارتكاب أخف الضررين لأن محل الكوع محترم فلا يسوغ الإذن في قطعه. انتهى.
وقد علمت بهذا أن الصواب ما للمصنف وأنه هو المنصوص، قال مقيد هذا الشرح: وبهذا تبين أن إن للمبالغة، ويكون معنى الكلام: ولا يجوز بكوع لذي مرفق جبرا على القاطع من المرفق، بل وإن رضيا معا فلا يجوز، ورد بذلك ما عسى أن يوافق بحث ابن عرفة. واللَّه تعالى أعلم. وهذا خلاف ما قدمت عن غير واحد أن إن للحال لا للمبالغة. وعلم مما مر أن أصل القصاص حق لآدمي إذ له العفو عنه، وأما المماثلة فيه فحق للَّه إن أمكنت وإلا فحق لآدمي كما مر في أقطع الكف، فالفرق بين ما هنا وبينه أنه هنا وجد مثل ما قطع والحق في المماثلة للَّه تعالى، فيفعل بالجاني مثل ما فعل إذا أمكن وهناك إنما وجد بعض ما قطع يخير بينه وبين الدية.
وتؤخذ العين السليمة بالضعيفة يعني أن صاحب العين السليمة إذا قلع عينا ضعيفة البصر، فإن عينه السالمة تؤخذ بالضعيفة أي يقتص منها: فتقلع عينه السالمة كما يقتص للمريض من