فيكون ما وقع من تصادمهما هدرا كما هو نص المدونة، ولا يحملان على الخطإ لأن الخطأ فيه الدية وضمان الأموال. قال أبو الحسن: مسألةٌ السفينة والفرس على ثلاثة أقسام؛ إن علم أن ذلك في السفينة من الريح وفي الفرس من غير راكبه فهذا لا ضمان عليه، أو يعلم أن ذلك من سبب النواتية في السفينة ومن سبب الراكب في الفرس فلا إشكال أنهم ضامنون، وإن أشكل الأمر حمل في السفينة على أن ذلك من سبب الريح، وفي الفرس على أنه من سبب الراكب. انتهى. ونقله الحطاب.
واعلم أن السفينتين لا قود فيهما، وهذا هو الذي يفيده قول المدونة في السفينة، وإن كانوا قادرين أن يصرفوها فلم يفعلوا ضمنوا. انتهى. ابن يونس: يريد في أموالهم وقيل الدية على عواقلهم نقله ابن عرفة. وقال اللخمي: إن تعمدوا ذلك وعلموا أنه مهلك فالدية في أموالهم. انتهى. قال الحطاب: وهو مشكل لأنه يقتضي أنه إذا تعمد أهل السفينة إغراق أخرى فليس عليهم إلا الدية، والظاهر أنه يجب في ذلك القصاص لأن ذلك بمنزلة طرح من لا يحسن العوم وبمنزلة المثقل فتأمله. انتهى. قاله البناني.
واعلم أن اصطدام السفينتين عمدا الواجب فيه دية عمد، وخطأ الواجب فيه دية الخطإ.
تنبيهات: الأول: لو قال بصير أعمى فوقع البصير ووقع الأعمى عليه فقتله، فقال مالك في رواية ابن وهب: الدية على عاقلة الأعمى.
الثاني: لو سقط ابنه من يده فمات لم يلزمه شيء، ولو سقط من يده شيء عليه فمات فالدية على عاقلته. أشهب: وإن كان الأرش أقل من الثلث، ففي ماله.
الثالث: لو طلب غريقا فلما أخذه خشي على نفسه الهلاك فتركه فمات، ففي الموازية والعتبية عن ابن القاسم: لا شيء عليه، وقال ابن القاسم فيمن تردى في بئر فصاح لرجل يدلي له حبلا فدلاه له ورفعه، فلما خاف على نفسه من رفعه خلاه فمات، ضمن. ابن عرفة: يفرق بينه وبين طالب الغريق بأن موت الغريق إنما هو بنفس ما كان عليه دون شركة الطالب بفعل ورافعه، من البئر مشاركه بسقوطه من فعل رافعه ولو انقطع الحبل لم يضمن. ولو انفلت من يده ضمن، ومن مر بجازر يقطع لحمه فزاحمه آخر فوقعت يده تحت فأس الجازر فطرح أصابعه، فقيل ذلك على