"ولا بينته" ذكره لدفع توهم أن دعواه تسمع مع البينة ولأجل قوله: إلا أن تشهد البينة بإسكان من المدعي للحائز، ونحوه كإعماره ومساقاته أو مزارعته فإن ذلك لا يُفَوِّتُه على صاحبه فتسمع بينته، فليس مراده إلا بدعوى إسكان لعدم قبول دعواه مع إنكار الحائزة نعم إن أقر به كان كالبينة أو أولى كما في المَوَّاق. انتهى. قوله: فليس مراده إلا بدعوى إسكان إلخ غير صحيح، لمخالفته للنصوص، والحق أن الاستثناء راجع للأمرين أي لم تسمع دعواه إلا أن يدعي الإسكان ولا بينته إلا بينة شهدت بالإسكان. قاله الرهوني. وقال عبد الباقي عقب قوله كما في المواق: ثم لا بد من حلفه إن ادعى الحائز الملكية من المدعي أو غيره ببيع أو هبة، فإن ادعى مجرد الحيازة لم يحلف مقيم البينة معها. قاله في التوضيح. وأصله لابن رشد والمازري وتقدم نحوه، وفي المدونة: الحيازة كالبينة القاطعة لا يحتاج معها ليمين. اهـ.
ولا يكون قوله: وهبته لي إقرارا بالملك فيخص ما تقدم في باب الإقرار بما إذا لم تكن مدة حيازة لتقديم شهادة العرف على إقراره، وقيد قوله: "إلا بإسكان ونحوه" بما إذا لم يحصل من الحائز بحضرة المدعي بيع أو هبة أو صدقة أو نحلة أو عتق أو كتابة أو تدبير أو وطء أو نحو ذلك مما لا يحصل إلا من المالك في ملكه، فلا تسمع بينة المدعي بإسكان ونحوه. قاله أبو الحسن والتبصرة وقيد قوله لم تسمع إلخ بحق الآدمي، وأما في حق الله كوقف وبناء الطريق فتسمع البينة ولو زادت مدة الحيازة على الأمد المذكور قطعا في الأول، وقيد ابن عرفة الثاني بما إذا لم يتقادم البناء بالطريق كستين سنة، والإطلاق هو الموافق لقول المص في باب الشركة: "وبهدم بناء بطريق ولو لم يضر"، فظاهره ولو تقادم. ويستثنى من قوله: "ولا بينته" الديون الثابتة، قال أحمد: وفي فتاوي البرزلي: اختلف المذهب في حد السكوت القاطع لطلب الديون الثابتة في الوثائق والأحكام مع حضور ربها وتمكنه، فقيل: عشرون سنة وهو قول مطرف، وقيل: ثلاثون وهو قول مالك، قال: وأحفظ لابن رشد أنه إذا تقرر الدين وثبت لا يبطل وإن طال، لعموم خبر: (لا يبطل حق امرئ مسلم وإن قدم) واختاره التونسي إذا كان بوثيقة مكتوبة وهي في يد الطالب، واختاره شيخنا الغبريني وسواء كان من مبايعة أو سلف أو صَدُقَاتٍ. اهـ.