وإن استحلف وله بينة حاضرة أو كالجمعة يعلمها لم تسمع يعني أن المدعي إذا كان له بينة حاضرة أو غائبة كثمانية أيام ونحوها ذهابا وإيابا وهو عالم بها وحَلَفَ المدعى عليه، فإنه لا تقبل بينته بعد ذلك إذا حضرت لأنه ما حلف خصمه إلا على إسقاطها، فلذا تسقط بمجرد الحلف وإن لم يصرح بالإسقاط كما هو ظاهر كلام المؤلف وهو حمل الأكثر لِلْمُدَوَنة، وقال آخرون: لا يكون تاركا لها إلا بتصريحه بترك القيام بها وأما إن لم يعلم بها فله القيام بها، والقول قوله في نفي العلم مع يمينه. قاله سحنون. فقوله: فإن استحلف أي وحلف وليس المراد أن مجرد الحلف يسقط قيام البينة كما هو ظاهر قول الرسالة، وإذا وجد الطالب بينة بعد يمين المطلوب، فإن لم يكن علم بها قضي له بها، وإن كان علم بها فلا تقبل منه، وقد قيل تقبل منه. وقوله: "كالجمعة" أي مع الأمن، واحترز بذلك عما إذا كانت الغيبة بعيدة فإن له أن يقيمها، فإن قيل: المستحلف إنما يستحلف بعد أن ينفي البينة وإذا نفاها، كيف يكون له القيام بها مع أنه أسقطها؟ فالجواب: أن البينة الغائبة غيبة بعيدة نزلوها منزلة العدم، فإذا نفاها لم يضره ذلك. قاله الخرشي.
وقوله: "يعلمها" صفة لبينة فهو راجع للمسألتين، وليس قوله: "وإن استحلف" تكرارا مع ما سبق من قوله: "وإن نفاها واستحلفه فلا بينة إلا لعذر؛ " لأنه هنا أفاد تفصيلا لم يفده هناك، ولو نكل المدعى عليه وحلف المدعي على ما ادعى وغرم له المدعى عليه، ثم وجد المدعى عليه بينة بالوفاء فله أن يقيمها. قاله الخرشي. وقال عبد الباقي: وإن استحلف المدعي أي طلب يمين غريمه وحلف بالفعل لا مجرد طلبه من غير حلف، إذ لا تسقط به بينة وله بينة حاضرة بالبلد يعلمها أو قريبة كالجمعة ذهابا فقط يعلمها، وأراد إقامتها بعد ذلك لم تسمع لأنه إنما حلف على إسقاطها فتسقط، وإن لم يصرح به إلا أن يشترط سماعها بعد حلفه ويوافقه الآخر فيعمل به كما في الحطاب عن زروق، ومفهوم يعلمها سماعها حيث لم يعلمها، والقول قوله مع يمينه على نفي علمها، وكذا نسيانها وبعدها الزائد عن كالجمعة على ظاهر المص، فإن قيل هذه المسألة مكررة مع قوله فيما مر: "فإن نفاها واستحلفه فلا بينة إلا لعذر كنسيان"، فالجواب أن هذه استفيد