أنه تنتقل الدعوى إلى المقر له باعتراف الأول مع تصديق المقر له إياه، ثم لا يخلو المقر له من أن يحلف أو ينكل، فإن حلف استحق الشيء المتنازع فيه، وحينئذ فللمدعي تحليف المقر بكسر القاف أنه صادق في إقراره للمقر له، وأنه لا حق فيه للمدعي، فإن حلف سقط حق المدعي، ويأتي في كلامه: نكوله، وإن نكل المقر له حلف المدعي أن المقر كاذب في إقراره وأنه حقي وأخذه بيمينه مع نكول المقر له، فإن نكل المدعي فلا شيء له وليس له حينئذ تحليف المقر بخلاف ما إذا حلف المقر له، فللمدعي تحليف المقر كما قال المص، وليست بيمين تهمة خلافا للتتائي، بل يمين تحقيق، بدليل قوله: "وإن نكل حلف وغرم ما فوته له". قاله عبد الباقي.
وقال البناني: اسْتُشْكِلَ هذا بأن هذه اليمين للتهمة وهي ضعيفة، بدليل الخلاف فيها هل تتوجه وأيضا فإنها لا تنقلب، فكيف ساغ مع النكول عنها أن يحلف الآخر ويغرم المقر ما فوته مع أن النكول؟ بمنزلة شاهد وهو هنا ضعيف، وأجاب الزرقاني: بأن اليمين ليست يمين تهمة وإنما هي تحقيق، بدليل قوله: وإن نكل المقر بعد حلف المقر له وأخذه الشيء المقر به، حلف المدعي أن المقر كاذب في إقراره لمن أقر له، وغرم المقر بكسر الراء ما فوته أي الشيء الذي فوته عليه بإقراره للمقر له أي قيمته إن كان مقوما، ومثله إن كان مثليا. وذكر قسيم قوله: "فإن حضر"، بقوله: أو غاب أي وإن كان المقر له غائبا غيبة بعيدة لا يعذر له فيها، لزمه أي لزم المقر أحد أمرين: يَمِينٌ أن إقراره حق لاتهامه أنه أراد إبطال الخصومة عن نفسه، أو بينة أنه ملك لفلان الغائب أودعه عنده أو رهنه أو أعاره أو نحو ذلك. قاله عبد الباقي.
قوله: إنه ملك لفلان الغائب، قال البناني: لا يشترط شهادة هذه البينة بالملك للغائب، بل شهادتها بالإعارة أو بالإيداع تكفي في بقائه تحت يده، ورد دعوى المدعي المجردة كما يأتي له. اهـ. واذا وجد أحد هذين الأمرين بقي بيد المدعى عليه، وانتقلت الحكومة له أي انتقلت المخاصمة فيه عند الحاكم للمقر له الغائب فيبقى المدعي على حقه إذا قدم المقر له، وإن نكل المقر عن اليمين في غيبة المقر له أخذه المدعي إلى حضور المقر له بلا يمين على المدعي؛ إذ لا معنى لها لأنها لا تقطع حجة الغائب، وإن جاء المقر له بعد يمين المقر أو نكوله وتسليمه للمدعي