فالقول قول النصراني لأن دعواه موافقة للأصل في بقاء الشيء على ما هو عليه، وعلم من قوله: "أسلم" أنهما متفقان على أن أصله النصرانية، وعبر بأخ نظرا للمنازع الآخر. وقوله: "فالقول للنصراني" وكذا القول لليهودي أو المجوسي في معلوم المجوسية أو اليهودية، فلو قال: للكافر، لكان أشمل، وإنما لم يعبر بالكافر تبعا لغيره. والله تعالى أعلم.

وقدمت بينة المسلم يعني أنه إذا أقام الأخ الذي أسلم بينة على أن أباهما أسلم ولم يقم الأخ النصراني بينة إلا على أصل نصرانيته، فإنه تقم بينة الأخ المسلم فيختص بالمال لأنها ناقلة والأخرى مستصحبة. وقوله: "وقدمت بينة المسلم" أي ولو كانت بينة النصراني أعدل، قال الخرشي: وشمل قوله: "وقدمت بينة المسلم" ما لو شهدت بينة النصراني بأنه نطق بالنصرانية ومات عليها، وشهد بينة المسلم بأنه نطق بالإسلام وإن لم تقل ومات عليه، وفيه نظر؛ إذ هذا من التعارض فيصار إلى الترجيح. فإن تعذر قسم المال.

إلا بأنه تنصر إن جهل أصله يعني أنه إذا شهدت لكل من الأخ المسلم والأخ النصراني بينة بما ادعى من موت الأب على الإسلام والنصرانية، والحال أن الأب مجهول الأصل أي لم يعلم هل هو مسلم أصالة أو كافر فإنه يصار إلى الترجيح، فَإذا لم يوجد مرجح فإنه يُقسم المال بينهما نصفين كمال تنازعه اثنان إذ لا ترجيح لإحدى البينتين على الأخرى، وَهُو ظاهر قول ابن القاسم في المدونة، وقال غيره فيها: إذا تكافأت البينتان قضي بالمال للمسلم بعد أن يحلف، ابن يونس: قال بعض أصحابنا: وقول ابن القاسم أصوب، لأن معناه أن الرجل جهل أصله، وإذا جهل فليس ثم زيادة ولا أمر يرد إليه، فوجب قسم المال بينهما. اهـ. وعلم مما قررت أن الاستثناء منقطع؛ لأن ما قبله في معلوم النصرانية وهذا في مجهولها.

كمجهول الدين يعني أنه إذا لم يعلم هل الأب مسلم أو كافر ومات وتداعياه، فقال المسلم: هو مسلم، وقال النصراني: بل هو نصراني ولا بينة لواحد منهما، فإنه يقسم المال بينهما لأنه مال تنازعه اثنان: وعلم مما قررت أن صور هذه المسألة أربع؛ لأن الأب إما معلوم النصرانية أو مجهولها، وفي كل قارنت دعوى المسلم منهما بينة أو لا، فإن كان معلوم النصرانية وأقام بينة أو تجردت دعواه فهاتان صورتان، أشار إليهما بقوله: "وإن ادعى أخ أسلم أن أباه أسلم فالقول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015