على أن الزيادة كشاهدين، ومثل المال ما يؤول إليه وكقصاص في جرح، وأما مزيدها في المزكين للبينة فإنه غير معتبر عند ابن القاسم وهو المشهور، كما أنه لا يعتبر مزيدها نفسها في النكاح كما قدمه فيه، بقوله: "وأعدلية متناقضتين ملغاة"، وينبغي أن تكون بقية المرجحات كذلك. اهـ.

قوله: بمال، ومثل المال ما يؤول إليه. قال البناني: أفاد به أن الترجيح بزيادة العدالة خاص بالأموال ونحوها من كل ما يثبت بالشاهد واليمين دون غيرها مما لا يثبت إلا بعدلين، كالعتق والطلاق والنكاح والحدود ونحوها فلا يقع الترجيح في شيء من ذلك بزيادة العدالة لأنها بمنزلة الشاهد الواحد على المشهور، وهو مذهب المدونة كما يفيده قول ابن عرفة الصقلي، قال بعض القرويين: اختلف إذا كانت إحدى البينتين أعدل، هل يحلف صاحب التي هي أعدل؟ ففي المدونة أنه يحلف. اهـ. وأما على مقابله أنها كالشاهدين فيثبت الترجيح بها في كل شيء، وهو الموافق لما تقدم عن سماع يحيى عند قوله: "وإن أمكن جمع بين البينتين جمع" على أن ما ذكر ليس خاصا بزيادة العدالة بل سائر المرجحات كذلك لا يثبت الترجيح بها إلا في الأموال ونحوها، كما يفيده كلام القرافي، ونقله ابن فرحون في الباب الرابع والعشرين من القسم الثاني من التبصرة، ونصه: حكى القرافي في كتاب الأحكام في تمييز الفتاوي من الأحكام مذهب المالكية أنه لا يحكم بترجيح إحدى البينتين عند التعارض إلا في الأموال خاصة. انتهى. وبه تعلم أن قول الزرقاني: وينبغي أن تكون بقية المرجحات كذلك، قصور. انتهى.

لا عدد يعني أنه لا ترجح إحدى البينتين المتعارضتين بمزيد العدد، فإذا أقام أحدهما رجلين عدلين وأقام الآخر ثلاثة كذلك أو أربعة كذلك فإنه لا ينظر لزيادة العدد، بل يرجح بغير ذلك من المرجحات إلا إذا كثروا حتى يقع بهم العلم فيقضى بهم. ابن مرزوق: وما ذكره المص من الترجيح بمزيد العدالة وعدمه بمزيد العدد هو المشهور فيهما، وقيل لا يرجح بمزيد العدالة وقيل يرجح بكثرة العدد إلا إذا كان كل من البينتين قد زادت على النصاب فلا يرجح بالكثرة؛ كأن تكون إحداهما ثلاثة والأخرى أكثر من ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015