يأخذ الشاهدين بما كانا يغرمان لغريمه لو غرم لا يلزمهما غرم حتى يغرم المقضي عليه فيغرمان له حينئذ، ولكن ينفذ القاضي الحكم للمقضي عليه على الراجعين بالغرم هرب أو لم يهرب، فإذا غرم أغرمهما. اهـ. والحق في الجواب عن ابن الحاجب - والله تعالى أعلم - أن ابن الحاجب فهم أن ما لابن المواز مخالف لما لابن عبد الحكم ومقابل له، وترجح عنده قول ابن عبد الحكم لموافقته لقاعدة: غريم الغريم غريم، وجعله مقابلا له وهو المتبادر من سياق ابن يونس وسياق الشيخ أبي محمد في نوادره. قاله الرهوني ثم قال بعد كلام ما نصه: فكلام النوادر هذا صريح فيما قاله ابن الحاجب واعتمده المص هنا. اهـ المراد منه. والله تعالى أعلم.

ولَمّا فَرَغَ من الكلام على رجوع الشهود ذكَرَ حكم تعارض البينتين، فقال: وإن أمكن جمع بين البينتين جمع وقد عرفوا تعارض البينتين بأنه اشتمال كل منهما على ما ينافي الأخرى، يعني أنه إذا تعارضت البينتان فإن ذلك لا يخلو من أحد أمرين، إما أن يمكن الجمع بينهما أو لا، فإن أمكن الجمع بينهما فإنه يجمع بينهما بمعنى أنه يجب العمل بمقتضى كل من الشهادتين، من أمثلة ذلك ما في الطرر عن الاستغناء: إن تداعى رجلان ثوبا بيد رجل وأقام كل منهما بينة أنه باعه في الذي هو بيده بألف دينار - وهو منكر - قضي له بالثوب وقضي عليه بالبينتين جميعا لأنه جائز أن يبيعه أحدهها منه، ثم يصير إلى المدعي الآخر بشراء أو غيره ثم يبيعه منه فتكون البينتان صادقتين. قاله الرهوني. ومن أمثلة ذلك ما لو شهدت للمسلم بَيِّنَةٌ أنه أسلمه هذا الثوب في مائة إردب حنطة، وشهدت آخرى للآخر أنه أسلمه هذين الثوبين سواه في مائة إردب حنطة لزمه أخذ الثلاثة الأثواب في مائتي إردب حنطة. قاله غير واحد. وقال الخرشي: ولو قال المسلم إليه أسملت إليَّ هذا الثوب الذي ذكرت مع هذا العبد فيما سميت وأقاما البينة قضي بالبينة الزائدة فيأخذ الثوب والعبد وتلزمه مائة إردب. اهـ.

قوله: ومن أمثلة ذلك ما لو شهدت للمسلم بينة لخ، فإن قُلت: المسلم إنما يدعي مائة في مقابلة ثوب معين والمسلم إليه إنما يدعي ثوبين معينين غير الذي عينه المسلم وهذا يتضمن دخول مال في ملك شخص جبرا عليه بغير ميراث؟ فالجواب: أنه لما كانت شهادة كل من البينتين معمولا بها فكأن كل واحد ادعى ما أنكره، أو أنه لما كان ينكر دخوله في ملكه هنا في مقابلة عوض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015