فتقلد سيف النصر وصدع بما أمر به جهارا، من تفجر بمولدد بحور الرغبوت، وضحكت بجماله الزاهر ثغور الرحموت، مطلع شموس التجليات الاجتبائية، ومغرس أغصان التدليات الاصطفائية، من تدفقت من بحار كماله جداور الأنوار، وتفتقت من بهجته مونقات الأزهار، وتبرقعت بجماله عوالم الملكوت، وترعرعت في رياض بهجته أطفال أسرار الجبروت. وحيعل بجامع العز والحبور، وأوضح بالقول والفعل سبيلا للأمن والسرور: وهو الطريق الأقوم: الذي لسالكه الفوز والمغنم، من حاد عنه انتكس وارتدى، وعمهوا في ضلالتهم ولن يهتدوا إذا أبدا.

أما بعد فإن الاشتغال بالعلم من أفضل ما يتقرب به إلى الله تعالى، لكون معرفة الله تعالى وعبادته يتوقفان عليه، والخير منوط بهما والشر منوط بعدمهما، وحينئذ فأهم ما يشتغل به الإنسان ما يرشده إلى تحقيق ذلك ويوصله إليه، فعلى العاقل أن يجتهد بعد معرفة الله تعالى فيما يعلم به كيفية العبادة.

والعبادة هي: امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، وعلم الفقه هو الكفيل ببيان الأوامر والنواهي على أتم الوجود وأكملها، وجدير بذلك مذهب إمام الأئمة مولانا مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه. فقد أجاد في ذلك كل الإجادة، مع كثرة الجدوى وحسن الإفادة، بين الحلال والحرام والمسنون والمندوب والمكروه والمباح من الأحكام، فجزاه الله بأحسن الجزاء عن أهل الملة الإسلامية. وخصوصا عنا معاشر المغاربة فقد أفاض علينا من مواهبه الربانية، وأسبغ علينا من تحفه الإحسانية، ومن أعظم ما صنف فيه مختصر السيد الأجل، والحبر البارع الأحفل، مولانا أبي المودة خليل، فكم كشف عن معضلات وأبرد الغليل، بيَّن ما به الفتوى ت وما هو الراجح الأقوى، مع كثرة الجمع والإيجاز العجيب، وحسن اللفظ وفخامته وتناسب المعنى الغريب، غير أنه لفرط الإيجاز، كاد يعد من جملة الألغاز، وقد اعتنى بحل ألفاظه الجهابذة النقاد، من كل حبر بارع أجاد وأفاد، فشرحوا وأجادوا، ونقحوا وأفادوا، ومنهم من حلى بعض الشروح بأبدع من در النحور، ولآلئ تتلهب مثل الشموس والبدور.

وبالجملة فقد بقيت في الكتاب مواضع كثيرة تحتاج إلى التقرير، والبيان والتوضيح والتحرير، وبحسب تتبع كلامهم يظهر من ذلك ما لم يكن مبينا في كتاب بانفراده، فأردت أن أبين من ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015