إلا بعد أخذ المال بإرث يعني أن هذا الشخص الذي حكم ببنوته لزيد مثلا لشهادة شاهدين بذلك ثم رجعا، فإنه لا غرم عليهما كما عرفت، هذا إذا لم يمت الأب ويأخذ هذا المحكوم ببنوته ماله بالإرث، وأما إذا مات الأب وأخذ هذا الولد المال بالإرث فإنهما يغرمان للعصبة ما أخذه ذلك الولد بالإرث إن كان هناك عصبة، أو لبيت المال إن لم تكن عصبة، والباء في قوله: "ببنوة" بمعنى: عن؛ أي عن شهادتهما ببنوة، واحْتَرَزَ بقوله: "بإرث" عما إذا أخذ المال بغير إرث، كدين ونحوه فإنه لا شيء على من شهد. قاله الخرشي. وقال المواق من كتاب ابن سحنون: من ادعى أنه ابن فلان والأب ينفيه، فأقام بينة أن الأب أقر أنه ابنه فحكم بذلك ثم رجعا قبل موت الأب فلا شيء عليهما في النسب قبل أن يرث ويمنع العصبة، فحينئذ يغرمان للعصبة ما أتلفا. اهـ. وقال عبد الباقي: إلا بعد أخذ المال بإرث فيغرمان قدره للثابت أو لبيت المال، واحترز عن أخذه بغيره كدين ونحوه فإنه لا غرم عليهما. اهـ. وقال الشبراخيتي: إلا بعد أخذ المال بإرث، كموت المحكوم عليه وهو الأب فأخذ الابن المال وللأب ورثة يحجبهم هذا الوارث أو يشاركهم فإنهما يغرمان ما أخذه الولد، فإن لم يكن له مشارك غرما جميع التركة لبيت المال. قاله في التوضيح. اهـ. وقال التتائي: وإن كان فيها مقوم غرما قيمته والتقييد بالإرث مخرج لا يؤخذ بدين أو نحوه فلا غرم على الشاهدين فيه. اهـ. وقال الحطاب: قوله: "بإرث" احترز به مما لو أخذه بدين أو غصب أو غير ذلك فلا غرم على الشاهدين. قاله البساطي. والله أعلم. اهـ.
إلا أن يكون عبدا فقيمته أولا مستثنى من قوله: "فلا غرم" يعني أنه لا غرم على الشاهدين فيما إذا رجعا عن شهادتهما بالبنوة المذكورة حيث كان الأب حيا كما عرفت، ومحل هذا حيث لم يكن المشهود ببنوته عبدا، وأما إن كان المشهود ببنوته عبدا حكم بحريته وثبوت نسبه ثم رجعا عن شهادتهما واعترفا برقيته، فإنهما يغرمان للسيد قيمته أولا؛ أي حين رجعا في أول الأمر من قبل أن يحصل موت، فيؤخذ المال بإرث، ولو حصل الموت بإثر الرجوع بدئ بالقيمة ثم ورث الباقي. قاله عبد الباقي. قوله: ولو حصل الموت بإثر الرجوع لخ؛ أي لو حصل الموت للسيد بعد الرجوع وبعد أخذه القيمة من الشاهدين بدئ من ماله بقدر القيمة يختص به الولد الثابت النسب، والباقي من ماله يرثه الولدان: العبد، وثابت النسب: قاله البناني.