والظاهر أنه يدفع لهما قيمتها شيئا فشيئا بحسب ما يستوفيها، لا أنه يعجلها لهما دفعة فهي كالمسألة السابقة، وأشعر قوله: "استوفيا" أنه لو كان لا خدمة له فلا شيء لهما وهو كذلك. تنبيه: وقع في شرح عبد الباقي ما نصه: والظاهر أنه ينجز عتقه حينئذ يعني حين لا خدمة له؛ لأن عدم تنجيزه إنما هو لأجل أن يستوفيا من خدمته، وقد انتفى ذلك والأنثى كالذكر. قاله علي الأجهوري ولا ينافيه قول المص: "فإن عتق بموت سيده" اهـ.
قوله: "والظاهر أنه ينجز عتقه" لخ، قال البناني: فيه نظر؛ إذ كونه لا خدمة له لا يقتضي سقوط حق سيده منه، ولأنه قد يموت السيد ولا يحمله ثلثه فيرق كله أو بعضه، وأيضا إذا كان المدبر أمة بقي فيها حق السيد في الوطء، والحاصل أنه لا وجه لتنجيز عتقه عند انتفاء خدمته. والله تعالى أعلم. وكذا تعليله بقوله لأن عدم تنجيزه إنما هو لأجل أن يستوفيا من خدمته لا معنى له؛ إذ يقتضي أنه لولا تعلق حق الشاهدين بالمدبر لَنُجِّزَ عتقه وهو غير صحيح، نعم ذكر في التوضيح ما نصه: ولو كان موضع المدبر مدبرة ممن لا حِرْفَةَ لها وينهى عن استيجارها، فإنه إذا قضى على الشاهدين بقيمتها نجز عتقها؛ إذ لا فائدة في بقائها إلا أن يلتزما النفقة عليها رجاء رقها بعد وفاة سيدها، فذلك لهما أو تطوع السيد بذلك رجاء أن ترق له فذلك له، ومثله نقله ابن عرفة عن سحنون. اهـ. وقوله: "واستوفيا من خدمته" قال الشبراخيتي: مثل ذلك أرش الجناية عليه، فلو كان لا خدمة له فلا شيء لهما. اهـ.
فإن عَتَق بموت سيده فعليهما يعني أن هذا الذي شهدا بتدبيره وحكم به ثم رجعا عن شهادتهما، إذا عتق بموت سيده بأن حمله الثلث، فإن كانا قد استوفيا ما غرماه فلا كلام، وإن كانا قد بقي لهما شيء فقد ضاع عليهما. وهما أولى إن رده دين أو بعضه يعني أنه إذا لم يحمله الثلث أو حمل بعضه، فإنهما أولى به حيث رده الدين كله أو بما رق منه من غيرهما من أرباب الديون حتى يستوفيا، قال عبد الباقي: وهما أولى أي أحق حتى يستوفيا إن رده أي العتق أو التدبير دين أو بعضه؛ لأنهما لما دفعا قيمته لسيده فكانت كحق تعلق بعينه، وهو مقدم على الدين المتعلق بالذمة، فإن مات قبل الاستيفاء أخذ من ماله، فإن لم يكن له مال فلا شيء لهما، فإن قتل أخذا من قيمته. انظر المواق. اهـ. وقوله: "وهما أولى إن رده دين أو بعضه" قال البناني: