ونقل عن الخرشي عن بعض الشراح أنه قال: قوله "شاهدي" يتنازعه تجريح وتغليط، فهو من باب قول العرب: بين ذراعي وجبهة الأسد، وقول النحاة: قطع الله يدَ ورجلَ من قالها. اهـ. وقولي: والحال أن سيدها مصدق على الطلاق احتراز عما لو كان منكرا له فلا يغرمان شيئا؛ لأنهما ما أدخلا على أمته عيبا، ومفهومه أنه لو كان الرجوع عن تجريح أو تغليط شاهدي طلاق حرة لا يغرمان شيئا؛ لأن الحرة لا قيمة لها، والظاهر أن العبد كالأمة. قاله الخرشي. البناني: هذه المسألة لا تتصور إلا أن يكون القاضي حكم بالطلاق أولا ثم نقضه، فهما حكمان. اهـ. وهذا هو الذي صورت به المسألة وبه صور الخرشي وعبد الباقي والتتائي، وكذا هو عند ابن عرفة، وقول المص: أو تغليط تقدم تقرير الشبراخيتي له، ونحوه للبناني عن الشيخ أحمد بابا، فإنه قال: إن كيفية الشهادة بغلط الشاهدين أن يشهدا أنهما أي شاهدي الطلاق أقرا على أنفسهما بالغلط وماتا أو غابا ولم يسألا. اهـ المراد منه.
ولو كان رجوعهما عن شهادة على امرأة بخلع بثمرة، وفي نسخة: بخلع ثمرة بالإضافة لم تطب أي لم يبد صلاحها، أو كان رجوعهما عن شهادة بخلع برقيق آبق أو بعير شارد، ونحو ذلك مما يصح الخلع به لا ما لا يصح الخلع به، فاللازم لهما القيمة أي قيمة الثمرة يغرمانها للمرأة، بدل ما أُغرمته للزوج بالحكم بالخلع حينئذ، وقال البناني: فالقيمة حينئذ أي حين الرجوع إن قلنا: إن الظرف متعلق بلزوم القيمة، فيكون قوله: "حينئذ" في مقابلة قوله: "بلا تأخير" لخ، أو حين الشهادة إذا كان إشارة إلى وقت اغترامهما القيمة، وبهذا يتفق كلام الشراح، فإن منهم من قال حين الرجوع، ومنهم من قال حين الشهادة والكل صحيح. اهـ. وقال الشبراخيتي: فالقيمة حيتئذ أي حين الشهادة لا حين الرجوع؛ لأنهما قد لا يرجعان إلا بعد الطيب أو حصول الآبق، وهذا قول عبد الملك واختاره ابن راشد القفصي.
وإلى اختيار ابن راشد لقول عبد الملك، أشار المص بقوله: على الأحسن كالإتلاف تنظير بمعلوم أي أن المعتبر هنا في ضمانهما القيمة وقت تفويت ثمرتها بشهادتهما، كاعتبار ذلك فيمن أتلف