وإن رجع اثنان من ستة فلا غرم ولا حد الشهود في التي قبلها أربعة، وهنا أكثر من أربعة؛ يعني أنه إذا شهد على شخص ستة بالزنى ثم رجع منهم اثنان فإنه لا غرم عليهما ولا حد؛ لأنه بقي من يستقل الحكم به، فشهادتهم بزناه تصيره غير عفيف، فلذا لم يحدا للقذف وهذا هو المشهور، وقيل: يحد من رجع مطلقا. قاله ابن مرزوق. وقال الشبراخيتي: وإن رجع اثنان من ستة بعد الحكم بشهادتهم حتى يتأتى نفي الغرم؛ يعني أنه إذا كان الرجوع قبل الحكم فلا يتوهم الغرم حتى ينفيه المص بقوله: فلا غرم قال الشبراخيتي: فلا غرم ولا حد على من رجع أو بقي. اهـ. وقال عبد الباقي فلا غرم ولا حد عليهما للقذف؛ لأن شهادة الأربعة بزناه تصيره غير عفيف، وإنما عليهما الأدب الشديد بالاجتهاد. اهـ.

إلا أن يتبين أن أحد الأربعة عبد يعني أنه إذا رجع اثنان من ستة فلا غرم ولا حد كما عرفت، هذا إن لم يتبين أن أحد الأربعة الباقين عبد وأما إن تبين أن أحد الأربعة الباقين عبد، فإنه يحد الراجعان للقذف ثمانين، ويحد العبد نصف حد الحر أربعين، وعلل حد الثلاثة في كتاب محمد بأن الحد قد أقيم بأربعة بطل أحدهم لرقه، ولا حد على الثلاثة الباقين. قال عبد الباقي: فإن قلت: تقدم أنه إذا ظهر بعد الحكم أن أحد الأربعة عبد حد الجميع وهنا جعلوا الحد عليه وعلى الراجعين فقط؟ قلت: لأنه في الأول لم يبق أربعة غيره، بخلاف ما هنا فإنه بقي خمسة غيره؛ لأن شهادة الراجعين معمول بها في الجملة، ألا ترى أن الحكم المرتب عليها لا ينقض. اهـ. قال البناني: ما تقدم هو الذي في المدونة، وما هنا مذكور في الموازية، والسؤال والجواب مذكوران في التوضيح، ونقلهما ابن عرفة عن ابن هارون وابن عبد السلام. اهـ المراد منه.

والحاصل أنه إذا رجع بعض الشهود بعد الحكم فإنه يحد الراجع فقط حيث لم يبق من يستقل الحكم به، وأما إن بقي من يتم به الحكم فلا حد، وإن كان الشهود أربعة ثم ظهر بعد الحكم أن أحدهم عبد فإنه يحد الجميع، فإن كان الشهود ستة - مثلا - ورجع منهم اثنان وتبين أن أحد الأربعة الباقين عبد، فإنه يحد الراجعان والعبد فقط، واسْتُشْكِلَ بما تقدم من أنه إن تبين أن أحد الأربعة عبد حد الجميع، وأجيبَ عنه بما مر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015