الغرم في غير العمد هو الذي للجلاب والمعونة، واختاره ابن عبد السلام لأنه ظاهر المدونة، وقال ابن القاسم: والأكثر لا يغرمان إذا قالا وهمنا وكذا هو ظاهر الرسالة. انتهى.

وقال عبد الباقي: وغرما مالا ودية ولو تعمدا الزور في شهادتهما ومع الغرم يوجعان أدبا ويسجنان مدة طويلة كما في المواق، وقول ابن القاسم الثاني: ورجع إليه أنهما إذا رجعا بعد الحكم وقبل الاستيفاء لا يستوفى بحرمة الدم، ومشى المص على قول ابن القاسم الأول وإن رجع عنه لأنه قول مالك كما في المتيطي، فأشار لقول ابن القاسم إذا رجعا في عتق أو دين أو قصاص أو حد أو غير ذلك، فإنهما يضمنان قيمة المعتق والدين والعقل في القصاص في أموالهما وبلو لرد قول أشهب: يقتص منهما في العمد، قال المص: وهو أقرب لأنهم قتلوا نفسا بغير شبهة. اهـ. وظاهر قوله: "نقض" أنهما إذا رجعا بعد الاستيفاء بدون حكم، كمن أقام شاهدين بدين على شخص لآخر فدفعه له من غير رفع لحاكم ثم رجعا فإنهما لا يغرمان، مع أن الظاهر غرمهما أيضا، ويحتمل أن يرجع به على من دفعه له وأن يؤدب إن تعمد الزور، وشمل قوله: "وغرما مالا" ما إذا شهدا بوفاء حق لمستحقه ثم رجعا فإنهما يغرمان للمشهود عليه لا للمشهود له. اهـ. قوله: مع أن الظاهر غرمهما أيضا فيه نظر، بل الظاهر عدم غرمهما لأنه تطوع بالدفع، قياسا على ما قاله فيما إذا قام المشتري على بائع غير مدلس بالعيب، فقد نصوا على أنه إن قبله بغير حكم فلا يرد السمسار الجعل، وبحكمٍ رَدَّه. والله أعلم. قوله: ويحتمل أن يرجع لخ لا معنى لهذا الاحتمال. قاله الرهوني.

تنبيه: قال البناني عند قوله: "ولو تعمدا" ما نصه: المبالغة راجعة لقوله: "ودية فقط" إذ العمد في المال أحرى بالغرم فلا يبالغ عليه، واعلم أن ما قبل المبالغة فيه خلاف أيضا لكن بالغرم وعدمه، وما مشى عليه المص فيه من الغرم هو خلاف قول أكثر أصحاب مالك، لكنه هو ظاهر المدونة كما ذكره ابن عرفة وغيره، وهذا الخلاف الذي ذكره الزرقاني عند قوله: "وإن قالا وهمنا" اهـ. وقد مر أن محله هنا.

وقال ابن مرزوق: قال سحنون: روى ابن وهب عن علي رضي الله عنه أن رجلين شهدا عنده على سارق فقطعه، ثم قالا: وهمنا إنما هو هذا فأبطل شهادتهما الآخرة وأغرمهما دية الأول،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015