ومزكَّى السر، بفتح الكاف، يعني أن من زكاه مزكِّي السر لا إعذار فيه، وفهم منه بالأولى أنه لا إعذار في مزكِّي السر بكسر الكاف لأن عدالة المزكي بالكسر هي بعلم القاضي، وعدالة مزكاه بالفتح هي بعلم المزكي لا بعلم القاضي، فعدالةُ المزكي بالكسر أقوى، فإذا لم يعذر في الأضعف لا يعذر في الأقوى من باب أولى. قاله بناني عن السناوي. ومزكِّي السر هو الذي يخبر القاضي سرا بعدالة الشهود، ومثله من يخبره سرا بتجريح الشهود لا إعذار فيهم، ولا يشمله كلام المص. وقوله: مزكي السر، الإضافة بمعنى في، فتح الكاف أو كسر.
والمبرِّز بغير عدواة، يعني أن الشاهد إذا كان مبرزا وهو الذي فاق أقرانه في العدالة لا يعذر فيه إلا بالعداوة أي والقرابة، ولو قدح فيه بغير ذلك لم يسمعه القاضي ولو كان له بينة، كما ذكره الزرقاني عند قوله "وقدح في المتوسط بكل" وفي كلام ابن فرحون وغيره ما يفيده. قاله الشبراخيتي. وقد علمت أنه يقدح في المبرز بالعداوة والقرابة، وذكر ابن مرزوق عن اللخمي أنه لا يقدح في المبرز بأكل بسوق ونحوه، وقوله: والمبرز هو بكسر الراء المشددة اسم فاعل من برَّز بالتشديد فاق أقرانه.
ومن يخشى منه، يعني أن الشهود على من يخشى منه بأن شهدوا بحق عليه أو بتجريح بينة شاهدة له لا إعذار فيهم. قال الشبراخيتي: ذكر الشارح والتتائي أنه لا تسمى له البينة. وفي الحطاب: أن كل من لا إعذار فيه لا يلزم القاضيَ تسميته. انتهى. وقال عبد الباقي: وحكي عن القاضي ابن بشير أنه قال للوزير لما سأله عمن شهد وحكم عليه وهو غائب: مثلك لا يخبر بذلك، وعدم الإعذار فيما تقدم هو باعتبار الشاهد، وهذه باعتبار المشهود عليه، وإن قدر الشاهد على من يخشى منه كان على نسق ما قبله، وحيث لا يعذر له فلا ينبغي للقاضي أن يهمل حقه في تفتيش حال الشهود بالكلية، بل يتنزل في السؤال عنهم منزلة المشهود عليه، ولو قيل بتحليف المشهود له مع بينته كما تقدم في الدعوى على صغير أو غائب لكان حسنا. انتهى. قال بناني: قول الزرقاني: كما حكي عن القاضي ابن بشير لخ: ابنُ بشير هذا أدرك ملكا، وليس هو أبا الطاهر بن بشير تلميذ المازري، ولما ذكر في التوضيح هذه المسألة قال: ونص المدونة أنه يخبر