ذلك، ومقتضى النوادر طلبه به، قال أصبغ: إذا أقر أحدهما بما فيه للآخر نفع فلا بأس أن ينبهه القاضي بقوله: هذا لك فيه نفع، هات قرطاسك أكتب لك فيه، ولا ينبغي له ترك ذلك، وعلم من هذا أن تلقين القاضي للخصم إنما يمتنع في الفجور كما مر عن ابن عاصم حيث قال: وخصم إن يعجز، البيت. وعبارة ميارة: فإن للقاضي أن يلقنه، قال أبو علي: هذا ظاهر كلام غير واحد، ويحتمل أن يكون هذا ونحوه واجبا، وقال سحنون: لا ينبغي أن يشد عضد أحدهما ولا يلقنه حجة، وقال الحطاب: قوله: وللحاكم تنبيهه عليه، نحو عبارة ابن الحاجب، قال في التوضيح: ظاهر عبارته التخيير، وفي النوادر عن ابن عبد الحكم وإذا أقر المطلوب بشيء أمره أن يشهد عليه ليلا ينكر. انتهى. وفي التبصرة: من الأمور التي تنبغي للحكام مع الخصوم أنه لا بأس أن يلقن أحدهما حجة عجز عنها، وإنما كره أن يلقنه حجة الفجور.
وإن أنكر قال ألك بينة؟ هذا قسيم قوله: فإن أقر لخ، يعني أنه إذا أجاب المدعى عليه بالإنكار فإن القاضي يقول للمدعي ألك بينة؟ فإن قال: نعم، أمره بإحضارها وسمعها، ويعذر للمدعَى عليه فيها، كما يأتي إن شاء الله في قوله: وأعذر بأَبَقِيَتْ لخ، فإن لم يأت بمدفع حكم عليه، وإن ادعى مدفعا أمهله لإتيانه به، فإن لم يأت به قضى عليه. قاله التتائي. وقال الحطاب: وإن أنكر قال: ألك بينة؟ ظاهر هذا أن القاضي لا يسمع من بينة المدعي حتى يسأل المدعى عليه، ولا شك أن هذا هو الأكمل، فإن سمع البينة قبل ذلك لم يكن خطأ. قال في المتيطية: واستحسن أهل العلم ألَّا يسمع القاضي من البينة إلا بعد ثبوت المقالة، وعلى ذلك بنيت الأحكام، ومن حجتهم في ذلك أنه قد يمكن أن يقر المدعى عليه بدعوى المدعي فيستغني عن الإثبات، ولكنه إن سمع البينة قبل انعقاد المقالة لم يكن من الخطإ الذي يوجب نقض الحكم. انتهى. وفيه: لا بأس للقاضي أن يسمع البينة قبل الخصومة على مذهب ابن القاسم خلافا لعبد الملك، قال في المدونة: وإن أقام رجل البينة أن المفقود وَصَّى له بشيء أو أسند إليه الوصية سمعت بينته، فإذا قضي بموته بحقيقة أو بتعمير جعلتُ الموصي وصيا وأعطيت الموصى (?) وصيته إن كان حيا وحملها