له بما نقله المتيطي وابن سهل وغيرهما عن ابن حارث من أنه يجب على القاضي أن يقول للمدعي: من أين وجب لك ما ادعيت؟ انتهى. وهذا لا يقتضي تقدمه على سؤال المدَّعَى عليه كما زعمه مصطفى تبعا لعلي الأجهوري. والله أعلم. ونص الشارح الذي ذكره الأشياخ أن المدعى عليه هو الذي يسأل المدعِيَ عن السبب. فقوله: وإلا يحتمل أن يريد وإن لم ينتبه المدعى عليه لذلك فإن الحاكم يقوم مقامه. انتهى.
تنبيه: قد مر عن الحطاب أنه قال: ليس من تمام صحة الدعوى أن يذكر السبب، يوخذ ذلك من قول المص بعد هذا ولمدعًى عليه السؤال عن السبب. قال بناني: قال مصطفى: وفيه نظر، بل صحتها تتوقف على ذلك، ففي المجموعة عن أشهب: إن أبي المدعي أن يذكر السبب ولم يدع نسيانه لم يسأل المطلوب عن شيء، ونحوه في كتاب ابن سحنون. قال الش: ووجهه أن السبب الذي يذكر المدعي قد يكون فاسدا فلا يترتب على المدعى عليه بسببه غرامة. انتهى. قلت: بل الظاهر ما للحطاب إذ لو كان ذكره من تمام صحة الدعوى ما قبل نسيانه ولبطلت الدعوى إذا لم يذكره ولم يسأل عنه، وليس كذلك فيهما، ولا دليل له في كلام المجموعة لاحتمال أنه لما قويت التهمة بامتناعه من ذكره بعد السؤال عنه لم يكلف المطلوب بالجواب. والله سبحانه أعلم. انتهى. وعطف على مدع قوله:
ثم بعد دعوى المدعي وبيان السبب يأمر القاضي مُدَّعًى عليه، يعني أنه إذا أمر القاضي المدعي بأن يبدأ بذكر دعواه وذكرها وذكر سببها فإنه يأمر المدعى عليه بجوابه، وعرف المدعى عليه بأنه هو من ترجح قوله بمعهود، أي بمصاحبة معهود، والمعهود شهادة العرف ونحوه، أو ترجح قوله بمصاحبة أصل، والأصل استصحاب الحال. قاله ابن عبد السلام. والله أعلم. قاله الحطاب. وقال التتائي: ثم أمر القاضي مدعى عليه وعرفه بقوله، ترجح قوله بمعهود، كدعوى شخص على آخر وديعة أو عارية فيدعي ردها، فمدعي الرد هو المدعى عليه لا عهد في الشرع أن الراد لا يحتاج لإقامة بينة، أو من ترجح قوله بسبب أصل كمدعي رق شخص، فيجيب الآخر بالحرية، فالمدعى عليه هو مدعي الحرية لأنها الأصل في الناس، وإنما عرض لهم الرق بسبب السبي بشرط