في تبصرته ما حاصله أن للمدعى عليه شيء ثلاثةَ أحوال، الأولى: أن يعلم قدر المدعى به، ويقول: لي عليه شيء ويأبى من ذكر قدره، وفي هذا لا تقبل دعواه اتفاقا. الثانية: أن يدعي جهل المدعى به، وتدل على ذلك قرينة كشهادة بينة بأن له حقا لا يعلمون قدره، وفي هذا تقبل دعواه اتفاقا. الثالثة: أن يدعي جهل قدره من غير شهادة قرينة بذلك، فهي محل الخلاف الذي اختار فيه المازري سماع الدعوى. انتهى. وفي باب الإقرار أنه إذا أجاب المدعى عليه بشيء فإنه يفسره، فإن لم يفسره فإنه يسجن حتى يفسره. وإن طال كما في ابن الحاجب، وأقره في التوضيح: ومقتضى هذا أنه ليس حكمه حكم من امتنع من الجواب فإنه يسجن، فإذا سجن ولم يقر يحكم عليه بلا يمين، ولا حكمَ من ادعِيَ عليه فأنكر فشهدت البينة بأن له عنده أعكاما لا يدرون ما فيها فإنه يطلب بالتفسير، فإن لم يفسر عمل بقول المدعي بيمين. انتهى. وفي الحطاب: وقال المتيطي: لو شهد الشهود للقائم في الدار المقوم فيها بحصة لا يعرفون مبلغها ففي كتاب ابن حبيب من رواية مطرف عن ملك: أنه يقال للمشهود عليه: أقر بما شئت منها واحلف عليه، فإن أبى قيل للمشهود له: سمِّ ما شئت واحلف عليه وخذه، فإن أبى أخرجت الدار من يد المطلوب ووقفت حتى يقر بشيء. قال مطرف: وقد كنا نقول وأكثر أصحابنا: أنه إذا لم يعرف الشهود الحصة فلا شهادة لهم ولا يلزم المطلوب بشيء، حتى قال ذلك مالكٌ فرجعنا إلى قوله واستمرت الأحكام به. انتهى. وفيه ليس من تمام صحة الدعوى أن يذكر السبب، يؤخذ ذلك من قول المص: ولمدعًى عليه السؤال عن السبب.

وإلا، بأن لم يدع معلوما بل ادعى مجهولا كشيء أو ادعى مظنونا لم تسمع دعواه، فلا يلزم المدعى عليه جوابه، ومثل لأحد الأمرين بقوله: كأظن، يعني أنه إذا قال المدعي: أظن أن لي عنده كذا، أو في ظني وأحرى أشك، فإن هذه الدعوى لا تسمع. وقوله: بمعلوم محقق، قال الحطاب: نحوه لابن الحاجب، فأورد عليه ابن عرفة توجيه يمين التهمة على القول بها. فتأمله. والله أعلم. انتهى. وقال عبد الباقي: كأظن إلا أن يقوى الظن كما يأتي في قوله "واعتمد البات على ظن قوي" ونحوه للخرشي والشبراخيتي. قال بناني: هذا القيد غير صحيح. ثم قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015