للمجهول مدع، أي أمر القاضي وجوبا المُدعيَ حيث علم أو وافقه خصمه على أنه المدعي بالكلام، وعرف المص المدعي بأنه من تجرد قوله حال الدعوى عن مصدق أي أصل أو معهود عرفا، أي لم يتمسك حين الدعوى بواحد من هذين، وإنما تمسك بالبينة، بخلاف المدعى عليه فإنه كان قوله على وفق أصل أو معهود عرفا، وقوله: تجرد لخ، صفة مدع، وقوله: بالكلام، أي الدعوى متعلق بأمر، وتفسير الصدق بما ذكر، وقوله: حال الدعوى، كل منهما مخرج لمن صحب دعواه بينة: إذ لا يقال له حينئذ: مدع فقط شرعا، لثبوت دعواه، نعم يسمى مدعيا باعتبار حاله قبل إقامة البينة، فلا يَرِدُ على تعريف المص أنه غير جامع لمن صحب دعواه بينة. انتهى كلام الشيخ عبد الباقي. وقال بناني: وأمر مدع تجرد قوله لخ، الآمر هو القاضي، وإنما يأمره إذا علمه كما إذا سمعهما يتخاصمان فعلم المدعي منهما، أو قال أحدهما: إنه دعاني، وأما إن لم يعلمه فله أن يسكت حتى يتكلما فيعلم المدعي منهما، فيأمر المدَّعَى عليه بالسكوت حتى يفرغ المدعي من كلامه، وله أن يقول ما شأنكما؟ أو ما خطبكما؟ وإن قال: مَن المدعي منكما؟ فلا بأس به. انظر المواق، وبه يعلم الجواب عما أورد هنا من الدور، وهو أن أمره بالكلام يتوقف على العلم بكونه مدعيا، والعلم بذلك يتوقف على كلامه. والله أعلم. وقول الزرقاني: أي أصل أو معهود عرفا لخ: ابن شأس: المدعي من تجردت دعواه عن أمر يصدقه أو كان أضعف المتداعيين أمرا في الدلالة على الصدق. انتهى. فيوخذ منه أنه إن تعارض الأصل والعرف فالمدعي من تجردت دعواه عن العرف وإن وافقت الأصل، لأن العرف أقوى منه، وقول الزرقاني: كل منهما مخرج لمن صحب دعواه بينةٌ لخ، صوابه مُدخِل لمن صحب دعواه لا مخرج. انظر الحطاب. وذلك لأن ابن عرفة أورد على تعريف ابن الحاجب الذي هو كتعريف المص أنه غير جامع لخروج المدعي ومعه بينة، فأجاب الحطاب لدخوله بأن البينة إنما يأتي بها بعد معرفة كونه مدعيا، والكلام فيما قبل ذلك. انتهى. وهذا الذي قصده الزرقاني فاختل كلامه، على أن الجواب فيه نظر، لما نقله الحطاب وغيره من أن القاضي له أن يسمع البينة قبل سماع الدعوى على مذهب ابن القاسم: كما يأتي عند الزرقاني في قوله: إلا لعذر كنسيان. انتهى. وأجاب الرهوني عن إيراد البناني بأن تصديق البينة للمدعي قبل سماع الدعوى يتوقف على تصديق المدَّعَى عليه إياها أو عجزه عن