باب: في القضاء، قال الأزهري: القضاء في اللغة على وجوه مرجعها إلى انقضاء الشيء وتمامه، وقال القسطلاني: القضاء في اللغة بمعنى الأمر، ومنه {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} والمعلم منه وقضيت لك بكذا أعلمتك به، والموت منه {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}، والإتمام منه {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ} والفعل منه {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}، والإرادة منه {فَإِذَا قَضَى أَمْرًا}، والكتابة منه {وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا}، والفصل منه {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ}، والخلق {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}، وفي الصحاح: قد يكون القضاء بمعنى الأداء، تقول: قضيت ديني، والإنهاء ومنه {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ} {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ} أي أنهيناه إليه وبلغنا له ذلك، وقال الشيخ طفى: اختلف أهل التفسير في معنى قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}، والأكثر أنه بمعنى أمَر لا حَكَمَ إذ لو حكم لم يقع إلا ما حكم به. ابن عطية: ويصح أن يكون بمعنى حكم على أن الضمير في أن لا تعبدوا للمؤمنين. انتهى.
ويقال: قضى نحبه أي مات، وأصل النحب النذر واستعير للموت لأنه كنذر لازم في رقبة كل حيوان. وقال القرافي قوله تعالى {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ}: [أي امضوا إلي (?)] ويقال استقضي فلان أي صير قاضيا، وفي الخرشي: القضاء الحكم والجمع الأقضية، والقضية مثله والجمع القضايا، وعرف ابن عرفة القضاء عند أهل الشرع بقوله: صفة حكمية توجب لموصوفها نفوذ حكمه الشرعي ولو بتعديل أو تجريح لا في عموم مصالح المسلمين، فيخرج التحكيم وولاية الشرطة وأخواتها والإمامة، قوله: صفة حكمية، يعني أن القضاء في الشرع معنى حكمي لا فصل بين الخصوم كما زعم بعضهم لقصوره عن الفصل الفعلي، والقضاء أعم من ذلك لأن القضاء معنى يوجب. له نفوذ الحكم فصل أو لم يفصل، وقوله: نفوذ بالذال المعجمة أي مضي ولزوم، وقوله: حكمه، والمراد به الإلزام الذي يطاوعه اللزوم الذي هو النفوذ، فالقاضي هو الذي إذا ألزم أحدا شيئا لزمه، فتفسير الشيخ ميارة النفوذ في كلام ابن عرفة بالإلزام غير جيد، قال الشيخ أبو علي: وقوله: توجب لخ، أخرج به من لم تكن له هذه الصفة التي اختص بها عن غيره ولا يلزم ما