الصبح (?)) إنكار أن يستعمل شيء من ألفاظ الأذان في غير محله، كما كره مالك التلبية في غير الحج لا أنَّه إنشاء من عمر لحكمها، وموضعها بأذان الصبح قبل التكبير الأخير بينه وبين حي على الفلاح. مرجع الشهادتين يعني أن الأذان ترجع فيه الشهادتان أي تعاد كل كلمة منهما مرتين كما أتى بهما قبل ذلك مثناتين، فقوله: "مرجع" بفتح الجيم مشددا، خبر ثان. كما في الشبراخيتي. وغيره؛ أي وهو مثنى مرجع الشهادتين. والشهادتان هما: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله، ومعنى أشهد: أتحقق، وأتيقن ومعنى حي: هلموا؛ بمعنى: أقبلوا وأسرعوا، ومعنى الفلاح: الفوز بالنعيم في الآخرة. وسئل بعض الحكماء عن الحكمة في تعاطف كلمتي الشهادة في التشهد وعدم تعاطفهما في الأذان، فأجاب بأن الجمل في الأذان بينها كمال الاتصال؛ لأنَّ كل جملة من جمل الأذان متضمنة معنى أدعو إلى الصلاة، فكانت كجمل التوكيد، فلهذا لم تتعاطف جمله. والتشهد بخلاف ذلك، وإنما هما فيه للإقرار بالتوحيد والرسالة.

قال جامعه عفا الله عنه: وهذا الذي قاله هذا الفاضل حسن جدًا. والله سبحانه أعلم.

تنبيهات: الأوّل: حكم الترجيع السنية فلا يبطل الأذان بتركه، فقول الأبي: مقتضى مذهبنا ركنيته، فيبطل الأذان بتركه، غير ظاهر.

الثاني: حكمة الترجيح إغاظة الكفار؛ لأنَّ أبا محذورة - رضي الله عنه - أخفى صوته بهما حياء من قومه لما كان عليه من شدة بغضه للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتهييجه الناس عليه، ولم ينتف بانتفاء سببه كالرمل في الحج. ويطلب من المؤذن المتعدد على المعروف، وحكى المازري عن مالك قولًا أنهم إذا كثروا يرَجَّع الأوّل خاصة.

الثالث: إن ترك الترجيع فإن ذكر بالقرب أعاده وما بعده فإن طال صح أذانه ولم يعد شيئًا. وقوله: "مرجع الشهادتين" خالف في ذلك أبو حنيفة محتجا بأن سببه إغاظة المشركين بالشهادتين، وأمره عليه الصلاة والسلام أبا محذورة بالإعادة للتعليم، وأنه كان شديد البغض له عليه الصلاة والسلام، فلما أسلم وأخذ في الأذان ووصل إلى الشهادتين أخفى صوته حياء من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015