بعد خروج وقت الحرث، ولو غرق قبله أو فيه وانكشف فيه لزمه الكراء، وهاتان الصورتان منطوق قوله: ولزم الكراء بالتمكن، وأما لو غرق قبله وانكشف بعده فلا كراء، وهذه الصورة هي مفهوم المص، وقد اشتمل كلام المص على خمس صور: غرق قبل الوقت وانكشف قبله، غرق قبله أو فيه وانكشف فيه بحيث يتمكن من الحرث فيهما، غرق بعده، غرق قبله وانكشف بعده، ففي الأربع الأول يلزم الكراء، وفي الخامسة لا يلزم الكراء. وفي المواق: من المدونة: إن أتى مطر فغرق زرعه في إبَّانٍ لو انكشف الماء عن الأرض أدرك زرعها ثانية فلم ينكشف حتى فات الإبان فذلك كغرقها في الإبان قبل أن تزرع حتى فات الحرث فلا كراء عليه، ولو انكشف الماء في إبان يدرك فيه الحرث لزمه الكراء وإن لم يحرث، ومن المدونة أيضا: إن أتى مطر بعد ما زرع وفات إبان الزراعة فغرق زرعه حتى هلك بذلك فهو جائحة على الزارع وعليه جميع الكراء، بخلاف هلاكه من القحط. انتهى.
أو عدمه بذرا؛ يعني أن المكتري للأرض إذا لم يزرع لكونه عدم البذر فإنه يلزمه الكراء، قال الشبراخيتي: لتمكنه من إجارتها لغيره، وهذا إن عدم البذر وحده كما قال اللخمي، وأما لو عدم أهل الوضع البذر لسقط عنه الكراء، وقوله: أو عدمه، معطوف على جائحة، لكن فسد مضمن معنى تعطل اهـ ونحوه لعبد الباقي، وقوله: وأما لو عدم أهل الموضع البذر لخ، نحوه في نقل الحطاب عن اللخمي. اهـ. والمراد بالبذر ما يزرع فيشمل الكراث والفجل وغير ذلك.
أو سجنه، بفتح السين يعني أنه إذا اكترى أرضا ليزرعها فمنع من الزرع لأجل سجنه وسواء سجن ظلما أم لا فإنه يلزمه جميع الكراء لأنه متمكن من أن يكريها لغيره فهو قادر على الانتفاع، وهذا حيث لم يقصد من يسجنه بسجنه أن يحول بينه وبين زرعها، فإن قصد ذلك سقط عنه الكراء؛ أي والكراء على المانع ويعلم قصده بقرينة أو بقوله، قاله الخرشي. وقال الشبراخيتي: أو سجنه بفتح السين لأن المراد به الفعل، وأما بالكسر فاسم للمكان، وهذا حيث لم يقصد من يسجنه بسجنه أن يحول بينه وبين زرعها إلى آخر ما مر عن الخرشي. وقال عبد الباقي: أو سجنه بفتح السين أي إرخاله السجن إلى آخر ما مر عنهما.