المستأجر، لكن الخلاف في الأولى هل له بحساب ما عمل؟ أو لا شيء له أصلا؟ وفي الثانية هل له بحساب ما عمل؟ أو له الأجرة كاملة؛ والمعتمدُ الأولُ فيهما، ومحل القولين إذا تراضيا على فسخ الإجارة كما تقدم التصريح به في كلام الطرر، ومثله إذا وقع ذلك من أحدهما فلم يطلبه الآخر بإتمام العقد مع حضوره، أو غاب فلم يتأتَّ لصاحبه طلبه، وأما إذا لم يرض صاحبه بذلك ورفعه إلى القاضي فإنه يجبره على الإتمام ولا يقول أحد هنا: إنه يمكن مما أراد جبرًا على صاحبه، فيجري القولان السابقان؛ لأن الإجارة من العقود اللازمة، كما صرح به غير واحد من الأئمة. قال في المنتقى: عقد الإجارة لازم من الطرفين ليس لأحد المتعاقدين فسخه خلافا لأبي حنيفة، فلم ينسب عدم اللزوم إلا لأبي حنيفة. وقد وقع الغلط كثيرًا في هذا ممن يتعاطى الفتوى والقضاء في هذه الأوقات بأن الأجير كالراعي ومعلم الصبيان وما أشبههم إذا رام الخروج قبل تمام المدة يمكن من ذلك، مع إعطائه من الأجرة بحساب ما عمل دون رضي من صاحبه ودون إثبات عذر، وهذا غلط فاحش، فالمستأجر كرب الغنم وولي الصبي ونحو ذلك إذا أراد إخراج الراعي أو المعلم مثلا وأبى صاحبه فرفعه إلى القاضي جبره القاضي على إبقائه الأجير على عمله إلا أن يدفع له جميع الأجرة فلا كلام حينئذ للأجير، كما نص على ذلك غير واحد، ففي ابن يونس: وليس لأبي الصبي إخراجه حتى يتم الشرط، محمد بن يونس: إلا أن يدفع جميع الأجرة فله إخراجه، ولو أراد المعلم أو الراعي مثلا الخروج وأبى الآخر جبره الحاكم على إتمام عمله، ولذلك قال التاودي عند قول التحفة:
وللأجير أجرة مكمله. . . .
البيتَ، ما نصه: هذا إذا تراضيا على عدم الإتمام وإلا أجبر الأجير كالراعي مثلا على إكمال سنته إلا لعذر من مرض ونحوه. انتهى. ولا يدخل في قوله: ونحوه حلف الأجير أن لا يتم مدته كما في الدرر المكنونة من جواب للإمام سيدي سعيد العقباني، وقد سئل عن مؤدب أقْرَأَ نصف السنة فتشاجر مع بعض الجماعة فحلف ألاَّ يتم المدة عندهم فطلب نصف أجرته ونصُّ جوابه: الحمد لله، أما إتمام المدة فهو لازم له إلا أن يسلموا له، وظاهره أنهم إذا لم يسلموا له يلزمه