فيه: وأما إجارة المعزف في غير العرس فإنه لا يجوز، ثم ذكر ما مر عن الشبراخيتي من السؤال والجواب، وقال عقبه: ولذا قال ابن رشد: إن ضرب الدف في العرس من الجائز الذي استوى فعله وتركه" وقيل: مرجوح الفعل، وهو قول ملك في المدونة، ثم نقل أن المراد بالمعزف جميع آلات الملاهي. اهـ. وقال البناني عن ابن عرفة: كره الإجارة للمعزف في العرس لأنه غير عمل الصالحين وإن كان ضربه مباحا في العرس، فليس كل مباح تجوز الإجارة عليه. اهـ. وقال التتائي: الدف بضم الدال وفتحها لغة هو الدور المغشى من جهة كالغربال، فإن غشي من الجهتين وكان مربعا فهو المزهر. اهـ. وقال المواق: من المدونة قال ابن القاسم: لا ينبغي إجارة الدف والمعازف كلها في العرس، وكره ذلك ملك وضعفه. قال ابن يونس: يريد ضعف قول من يجيز ذلك ابن يونس: أما الدف الذي أبيح ضربه في العرس ونحوه فينبغي أن تجوز إجارته. انتهى. وتحصل مما مر أنه لا معارضة في كلام المص؛ لأن ما مر في ضرب الدف للنكاح وما هنا في إجارته.
وكراء كعبد كافرا، قال الخرشي: يعني أنه يكره للمسلم أن يؤاجر نفسه أو ولده أو عبده المسلمَ أو دابته لكافر، ومحل الكراهة المذكورة إذا كان المسلم يجوز له فعل ذلك لِنفسه كالخياطة والبناء والحرث وما أشبه ذلك، وأما ما لا يجوز للمسلم فعله لنفسه كعصر الخمر ورعي الخنازير وما أشبه ذلك فإنه لا يجوز للمسلم أن يؤاجر نفسه، وما ذكر معها لكافرٍ في ذلك فإن وقع شيء من ذلك فإن الإجارة ترد قبل العمل، فإن فاتت بالعمل فإن الإجارة تؤخذ من الكافر ويتصدق بها على الفقراء أدبا للمسلم، إلا أن يعذر لأجل جهل ونحوه فإنه لا تؤخذ منه، ونصب قوله كافرا على نزع الخافض، وأما الإجارة لعيد الذمي فقد تقدمت في باب الذكاة ومر أنها مكروهة، ثم إن كلام المؤلف مقيد بما إذا كان العمل يجوز للمسلم عمله كما مر، وبما إذا لم يكن فيه إذلال ولم يكن الصانع يعمل في حانوته والكافر يأتي إليه. قال الشيخ عبد الحق في النكت: وإجارة المسلم نفسه من النصراني على ثلاثة أوجه: فإن استأجره في مثل رعاية الخنازير وحمل الخمر وشبه ذلك فهذا يفسخ متى ما عثر عليه، فإن فات ذلك وقبض الأجرة تصدق عليه بها الوجه الثاني: إن استأجره في شيء يمتهنه النصراني فيه ويكون تحت يده من خدمة ونحوها فهذا يفسخ متى