فلم أر في عيوب الناس عيبا ... كنقص القادرين على التمام

ولما تكلم على الممنوع والجائز، تكلم على المكروه فقال:

ويكره حلي؛ يعني أن إجارة الحلي مكروهة والمراد به غير المحرم الاستعمال، وهل الكراهة لنقصه وقد أخذ في مقابلته نقدا أو لأنهم كانوا يرون إعارته زكاته؟ خلافٌ. قال البناني: تعليل كراهته بأن الاستعمال ينقصه فيدخله ذهب أو فضة إلى أجل أصله لابن العطار، وتعقبه ابن الفخار بأنه كلام غير معقول، والمشاهدة تبعده؛ لأن الحلي من الجامدات فلا يؤثر فيه الانتفاع. اهـ. فالصواب تعليل ابن يونس بأنهم كانوا يرون أن إعارته زكاته. اهـ. وقال التاودي: كون العلة نقصه غير ظاهر لأنه يقتضي الجواز حيث كانت الأجرة غير نقد ولأنه يقتضي المنع لا الكراهة. اهـ. وقوله: حلي، إما مفرد فيكون بفتح الحاء وسكون اللام، وإما جمع فيكون بضم الحا، وكسر اللام، وقوله: ويكره حلي؛ أي حلي ذهب أو فضة، وقوله: حلي، على حذف مضاف أي إجارته قال المواق من المدونة قال ابن القاسم: لا بأس بإجارة حلي الذهب بذهب أو فضة. واستثقله مالك مرة وخففه مرة. ابن يونس: قال مالك: ليس كراء الحلي من أخلاق الناس. معناه أنهم كانوا يرون زكاة الحلي أن يعار فلذلك كرهوا أن يكرى. اهـ.

فرع: في الذخيرة عن ابن رشد: الحوانيت المبنية بالمال الحرام يكره كراؤها ولا يحرم؛ لأن البناء لبانيه والحرام مرتب في ذمته، وكذا المسجد تكره فيه الصلاة فقط، وأما مسجد بني بمال لم يعلم أن ربه اكتسبه مماذا فسبيله سبيل الفيء لا سبيل الصدقة على المساكين، فتجوز الصلاة فيه دون كراهة. نقله عبد الباقي.

كإيجار مستأجر دابة، قال الخرشي: هذا من باب إضافة المصدر إلى فاعله، والمعنى أن من استأجر دابة لركوب يكره له أن يكريها لمثله ليركبها، وإن وقع وضاعت فلا ضمان عليه حيث كان مثله في خفته وأمانته، فالتشبيه في الكراهة. اهـ. وقال عبد الباقي: كإيجار مستأجر دابة، أي كما يكره لمن استأجر دابة للركوب أن يؤجرها لمثله، فالمصدر مضاف للفاعل، وإن وقع وضاعت فلا ضمان عليه، ومحل الكراهة إن لم يؤجرها بحضرة ربها أو يؤجرها وارثه لموته أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015