الأب للمؤدب فيأخذها إلا أن يأتي بما يستنكر أو في غير وقت اعتياده ذلك، ومكن عبد الله بن غانم لولده عشرين دينارا يعطيها لمؤدبه لكونه أحسن الفاتحة قراءة فمكنها له فجاء بها المؤدب إلى ابن غانم: فقال ابن غانم فكأنك استقللتها؟ فقال: لا ولكن ظننت بالصبي، فقال له ابن غانم: لحرف واحد مما علَّمته يعدل الدنيا وما فيها. البرزلي: وصدق لأن الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة في حال من أحوالها فأحرى في أمور الآخرة. اهـ. نقله الرهوني. وفيه عن ابن عرفة: لا تقبل شهادة بعضهم على بعض إلا من عرف بالصدق فيقبل قوله. اهـ.

الثالث عشر: جرت عادة كثير من المؤدبين بزجر الصبيان باللعنة له ولأبيه وجده وذلك مما لا يجوز، وقد وقع في نقل الأبي عن شيخه ابن عرفة ما يوهم الجواز فإنه قال في إكمال الإكمال عند تكلمه على قوله صلى الله عليه وسلم: (ولعن المؤمن كقتله (?)). المازري: في الإثم. عياض: وقيل: في الحرمة. ووجه التشبيه أن القصد باللعن قطعه عن الرحمة كما يقطعه القتل عن التصرف، وقيل: لأن القصد بها إخراجه عن المؤمنين فينقص عددهم كما ينقص عددهم بقتله، وقيل: لأن اللعنة تقتضي قطع منافعه الأخروية فهو كمن قتل في الدنيا، قلت: ولا فرق بين أن يقول: لعنه الله أو هو في لعنة الله. وكان الشيخ يقول: إن اللعن في سياق التأديب لا يتناوله الحديث. اهـ. فقوله عن الشيخ ومراده به الإمام ابن عرفة لا يتناوله الحديث يوهم جوازه والظاهر أن مراده لا يتناوله خصوص هذا الوعيد وإن كان يحرم عليه ذلك، فقد نص الأبي وغيره أن لعن المعيَّن لا يجوز إن كان كافرا ولم يستثنوا مؤدبا ولا غيره، وهذا كله في اللعن بتقديم اللَّام على العين وتأخير النون عنها كما هو نص الحديث وصريح كلام الأبي عن شيخه، والواقع اليوم في عبارة الناس تقديم النون وتأخير اللام، ولا شك أن مدلول هذا وضعا لا محذور فيه، وفي الأبي متصلا بما قدمناه عنه وما يجري على ألسنة العوام من قولهم نعله الله بتقديم النون ليس بلعن لأنه من النعال. اهـ. قلت: هو كما قال ولكن قائله إنما يقصد به مدلول اللعن بتقديم اللام وقد ورد في الأحاديث وكلام الفقهاء في غير ما مسألة ما يدل على أن المدار على المقاصد لا على مدلول الألفاظ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015