فقال له: إن أكرهت على القضاء فهل أكرهت على أخذ الدراهم، فقال له: هات شهادتك فأجازها، وسوار بن عبد الله القاضي أبو عبد الله بصري ثقة وهو بشد الواو، وكان بالبصرة أربعة كل واحد منهم لا يعلم في زمانه في الأمصار مثله، سوَّار في عدله وتحريره للحق: والحَسَن في زهده وفصاحته وسخائه وموضعه من قلوب الناس، والمهلَّب بن أبي صفرة في عقله ورأيه وطاعته، والأحنف بن قيس في حلمه وعفافه ومنزلته من علي رضي الله تعالى عنه.

الحادي عشر: قال مالك: لم يبلغني عن أحد كراهية تعليم القرآن والكتابة بأجر، قال ابن حبيب: وما روي من النهي في ذلك فذلك في أول الإسلام والقرآن قليلٌ في صدور الرجال، فأما بعد أن فشا وانتشرت المصاحف فلا، وكان مالك وجميع علماء المدينة يجيزون أخذ الأجرة على تعليم الصبيان للكتب والقرآن. وفي أجوبة ابن رشد: وسئل عن إجارة معلم القرآن؟ فأجاب: بأن مذهب مالك وجل أهل العلم أن أخذ الأجرة على تعليم القرآن جائزٌ، ومن لم يجز ذلك من أهل العلم اشترط ذلك أو لم يشترطه أو لم يجزه له مع الشرط فمحجوج بمن أجاز ذلك؛ لأنهم القدوة والجمهور، والحجة لهم من طريق الأثر الحديث الذي قصصته في سؤالك بالنص على إجازته وما كان مثله وفي معناه، ومن طريق النظر والقياس أن هذا عمل لا يلزمه أن يعمله فجائز أن يأخذ الأجرة عليه وإن كان فيه قربة، كالاستيجار على بنيان المساجد وشبهه. انظر الرهوني. وقال الدرعي: قال ابن هلال: يجب على المعلم أمرُهم بالصلاة ويؤدبُهم على تركها وتعليمُه إياهم أحكامَها وأحكام الطهارة والعقيدة وما لا بد منه من الحلال والحرام، ويعفى عن مدادهم ما لم تنحقق نجاسته. اهـ. وسئل سحنون عن المعلم يعلم الصبيان بغير شرط فيُجري له الدرهم والدرهمين كل شهر ثم يجئ المعلم يطلب الحذقة ويأبى الأب ويقول حقك فيما قبضت، قال: ينظر إلى سنة البلد فيحملون عليها، وليس في الحذقة حد معروف إلا على قدر الرجل وحاله. قال: وإذا بلغ الصبي عند المعلم ثلاثة أرباع القرآن فقد وجبت له الختمة. ابن حبيب: نحن نوجب حق الحذقة ونقضي بها للمعلم. قاله المواق.

الثاني عشر: اعلم أنه يكفي وإباحة انتصابه ستر حاله للمتزوج، ويسأل عن غيره فإنما لم يسمع عند إلا العفاف أبيح له، ويمنع من يتحدث عنه بسوء، وبهذا جرف العمل وهو الحق، وقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015