وعلم مما قررت أن قوله: "إن وجبت أجرة المثل" راجع للأمرين قبله، وهما قوله: "أو في أثنائه"، وقوله: "أو بعد سنة من أكثر" أي إنما تفسخ في الأمرين إن وجب فيها أجرة المثل، ومفهومه أنه إن وجبت فيها مساقاة المثل لم تنفسخ في الصورتين وهو كذلك، ويأتي بيان ما تجب فيه مساقاة المثل إن شاء الله تعالى، قال الحطاب: وقول المص: "أو بعد سنة" هو داخل في قوله: "أو في أثنائه"، ولهذا لو قال: أو في أثنائه وإن بعد سنة لكان أوضح بل لو أخره عن قوله إن وجبت أجرة المثل لكان أحسن؛ لأنه إنما تظهر فائدته في مفهوم الشرط وهو ما إذا كان الواجب مساقاة المثل؛ فإنه قد يقال: كان ينبغي إذا اطلع على فسادها عند كمال السنة أن تنفسخ المساقاة في باقي (?) السنين؛ لأن العامل قد تم عمله في تلك السنة وأخذ مساقاة مثله فيها، فلم يذهب عمله باطلا فلم يتركونه يعمل بقية السنين؟ والجواب عن ذلك أن يقال: إن الحائط قد تقل ثمرته في عام وتكثر في آخر، فلو لم يتماد على العمل في جميع السنين لكان فيه غبن على أحدهما، كما أشار إلى ذلك في مسألة المدونة: من ساقى حائطه وقد أطعم لخ.

ولما بين المحل الذي تفسخ فيه والذي لا تفسخ بين ما يترتب على الفسخ في مسألة الفسخ وما يترتب على عدمه في مسألة عدمه فقال: وإن عثر على فساد المساقاة بعده أي بعد الشروع في العمل تم العمل أم لا، فله أجرة مثله بشرط أشار إليه بقوله: إن خرجا عنها أي عن المساقاة إلى إجارة فاسدة أو إلى بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، ومعنى قوله: "إن خرجا عنها" أن الفساد لأمر خارج عن ذات المساقاة، ومثل لذلك بقوله: كإن زاد عرضا أو عينا يعني أنه إذا اشترط أحدهما على صاحبه زيادة على الجزء فإن ذلك خروج عن المساقاة إلى الإجارة، سواء كان الذي زاده عرضا أو عينا فيكون للعامل أجرة مثله فيما عمل سواء تم العمل أم لا، وقد علمت أن هذا يفسد المساقاة لأنه إن زاده رب الحائط ذلك فكأنه استأجره على أن يعمل له في حائطه بما أعطاه من المعين أو العرض وبجزء من ثمرة الحائط وذلك إجارة فاسدة توجب أن يرد إلى إجارة مثله، ويحاسبه ربه على حكم إجارة المثل بما أعطاه من العين أو العرض ولا شيء له من الثمرة إلا لضرورة، كأن لا يجد ربه عاملا إلا مع دفعه له شيئا زائدا على الجزء فيجوز كما ذكره ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015