انتهى. والتردد فيما إذا جعل للعامل جزء هو الذي أشرت له بالطريقتين، وتحصل مما مر أنه إن جعل له جزء من الأرض أنه اختلف فيها على أقوال وأرجحها اثنان: أحدهما تمضي المغارسة ويترادان قيمة الأرض والعمل، والثاني أنها إجارة فاسدة فالأرض وما فيها لربها ويرجع عليه العامل بقيمة غرسه وعمله، والمراد بالغرس الأعواد التي غرسها ويرجع رب الأرض على العامل إن كان قد أخذ الثمرة بمكيلة ثمرته إن عرفت، وبخرصها إن جهلت والظاهر بقيمة خرصها لأن المثلي إذا جهل تجب فيه القيمة، وهذا القول أرجح من الأول، ولنقتصر في مسألة الجزء على هذين القولين لرجحانهما ولأن الكلام على غيرهما يستدعي طولا، وأنه إن لم يجعل للعامل جزء من الأرض فإنه اختلف في كون ذلك كراء فاسدا فالغرس للعامل وعليه لرب الأرض كراء مثله أو إجارة فاسدة، فالجميع لرب الأرض وعليه للعامل قيمة عمله وقيمة غرسه أعوادا. والله تعالى أعلم.
أو شجر لم تبلغ خمس سنين وهي تبلغ أثناءها يعني أنه لا يجوز لمن له شجر لم يبلغ حد الإطعام أن يساقي عليه خمس سنين، والحال أن هذا الشجر يبلغ أثناء السنين الخمسة أي حيث كان يبلغه بعدها، فقوله: "أو شجر" معطوف على "أرض" من قوله: "أو إعطاء أرض" وقوله: "أو إعطاء أرض" مفهوم قوله: "إنما تصح مساقاة شجر"، قال عبد الباقي: أو إعطاء شجر لم تبلغ حد الإطعام في عام العقد فساقى عليه خمس سنين وهي أي الشجر تبلغ أثناءها أي بعد عامين كما في المدونة، فيمنع للخطر "فخمس سنين" ظرف لإعطاء ويساقي والجملة بعده حال، فإن كانت تبلغ في عام العقد لم تفسد فإن عثر على الممنوع قبل بلوغها الإطعام فسخ وللعامل أجرة مثله، وإن لم يعثر عليه حتى بلغت الإطعام لم تنغسخ المساقاة بقية المدة وله في بقيتها مساقاة المثل، فإن قيل المساقاة إنما تكون فيما لم يطعم حال عقدها ويطعم بعده وهذه المسألة كذلك فلم منعت؟ فالجواب أن المساقاة تكون جائزة فيما يطعم في عامة كما تقدم أول الباب، وهذه إنما تطعم بعد عام العقد ولا مفهوم لقوله: "خمس سنين" وإنما المدار على إعطائه شجرا مدة لا تبلغ حد الإطعام إلا بعد العام الأول، وتبلغ بعده كانت المدة خمس سنين أو أقل أو أكثر. انتهى.