يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون فعل هذا لمجرد منفعة عبد الله وعبيد الله وجاز له ذلك وإن لم يكن الإمام المفوَّضَ إليه لأن المال كان بيده بمنزلة الوديعة لجماعة المسلمين فاستسلفه بإسلافهما إياه، فلو تلف المال ولم يكن عند عبد الله وعبيد الله وفاء لضمنه أبو موسى، والوجه الثاني أن لا يكون لأبي موسى النظر في المال بالتمييز والإصلاح، وإذا أصلحه كان لعمر الذي هو الإمام تعقب فعله فتعقبه ورده إلى القراض. قاله الحطاب.
وعرف ابن عرفة القراض بقوله: تمكين مال لمن يتجر به بجزء من ربحه لا بلفظ إجارة، فيدخل فيه بعض الفاسد كالقراض بالدين والوديعة ويخرج عنه قولها قال مالك: من أعطى رجلا مالا يعمل له على أن الربح للعامل ولا ضمان على العامل لا بأس به. انتهى. قاله الخرشي. وتعبيره بتمكين دون وكالة ليلا يتوهم متوهم أنه يعتبر فيه صيغة الوكالة مع أنه لا يعتبر فيه ذلك وهو وارد على كلام المص كما في الشبراخيتي، وقوله: لا بلفظ إجارة يعني أنه إنما يصح بغير هذا اللفظ. انظر الشبراخيتي.
وعرف المؤلف القراض بقوله: القراض توكيل على تجر في نقد يعني أن القراض هو أن يوكل شخص شخصا على أن يتجر له بنقد ويتعاقدان أي المالك للنقد والمتجر به على جزء من الربح معلوم، كالنصف أو الثلث أو نحو ذلك، كأن يقول اتجر لي بهذه الدراهم العشرة أو الدنانير فإذا صارت مائة مثلا رد إليَّ عشرة رأس مالي ولك نصف الزائد على رأس المال أو ربعه أو ثلثه أو نحو ذلك وهو تسعون في هذا المثال، فيجيبه الآخر إلى ذلك. وعلم مما قررت أن "في" بمعنى الباء أي باء الآلة فالنقد متجر به لا فيه، وفي نقد متعلق بتجر وعلى تجر متعلق بتوكيل، قال الشبراخيتي: القراض توكيل هو كالجنس يشمل الوكالة على خلاص الحق وقضاء الدين وبيع سلعة وقضاء حاجة ونحو ذلك والشركة إذ هي توكيل كل واحد لصاحبه، وفهم من قوله: "توكيل" أن رب المال والعامل لا بد أن يكونا من أهل التوكيل والتوكل، فعلم منه حرمة مقارضة المسلم للذمي، قال الإمام: لا أحب لمسلم أن يدفع مالا قراضا لذمي، قال ابن عرفة: يجب حمله على المنع ونحوه للتونسي، وأما عكسه فهو مكروه، وقوله: "على تجر" فصل أخرج به ما عدا الشركة، وقوله: "في نقد" أخرج به الشركة لجوازها في النقد وغيره من العروض. انتهى. وقوله: