وحُمِلْتَ بالبناء للمفعول وفتح التاء نائب الفاعل؛ يعني أنك يا رب النهر تحمل في طرح كناسته أي النهر وكناسته طينه الذي يطرح منه على العرف متعلق بحملت، ومراده بالعرف العادة الجارية بالبلد، فإن اقتضى طرحه بأرض صاحب الأرض طرح فيها أو إلى موضع آخر قضي به؛ إلا أنه إذا جرى العرف بالطرح على حافة النهر التي بها الشجر لم تطرح عليها كما قال: ولم تطرح الكناسة يا رب النهر على حافته أي النهر التي بها شجر غيرك حيث جرى العرف بالطرح عليها، إن وجدت سعة أي مكانا تطرح الكناسة عليه غير الحافة. قال الشبراخيتي: ومفهوم قوله "إن وجدت سعة" أنه إن ضاق طرحت على الحافة، وأما الحافة التي ليس بها شجر فإنك تطرح عليها ولو وجدت سعة. انتهى. وقال المواق من المدونة: قال ابن القاسم: وإذا كان لك نهر ممره في أرض قوم فليس لك منعهم أن يغرسوا بحافته شجرا، فإذا كنست نهرك حملت على سنة البلد في طرح الكناسة، فإن كان الطرح بضفته لم تطرح ذلك على أشجارهم إن أصبت دونها من ضفتيه متسعا، فإن لم يكن فبين الشجر، فإن ضاق عن ذلك طرحت فوق شجرهم إذا كانت سنة بلدهم طرح طين النهر على حافتيه. انتهى. وفي بعض النسخ: ولم تطرح على شجره إن وجدت سعة؛ أي فإن لم تجد سعة طرحت فوق الشجر كما عرفت. والله تعالى أعلم. وقوله: "ولم تطرح على حافته" لخ كالمستثنى مما قبله.
وجاز ارتزاقه من بيت المال يعني أن القاسم يجوز أن يرتزق من بيت المال أي يجوز إعطاؤه من بيت المال ولا كراهة في ذلك، بخلاف أخذه ممن يقسم له فإنه مكروه على ما مر، قال الخرشي: يعني أن القسام يجوز ارتزاقهم من بيت مال المسلمين كالقضاة والعمال وكل ما يحتاج إليه المسلمون، وحاصله على ما في التوضيح والمدونة أن الإمام إذا رزق القسام من بيت المال فذلك جائز بلا خلاف قسموا أم لا، وإن رزقهم الإمام أو القاضي على أن لهم في كل تركة أو شركة كذا قسموا أم لا فذلك ممنوع بلا خلاف، وإن جعل لهم ذلك على القسم وقسموا فذلك مكروه، وأما الشركاء والورثة إذا تراضوا على من يقسم لهم بأجر معلوم فذلك جائز بلا خلاف. انتهى. ومثله في البناني وزاد ونحوه عند ابن عرفة عن عياض.