استحقت الأرض بعد ما يبس فإن بيعه ماض نظرا إلى وقت الاستحقاق, فكأن البيع إنما وقع وقته, ومفهوم نصفها أنه لو استحق جلها فإنه يتعين الرد كما في باب الخيار. انتهى. قوله: ومفهوم "نصفها" أنه لو استحق جلها لخ، قال البناني: هذا سهو منه، فإن المستحق هنا جزء شائع واستحقاق الشائع لا يمنع التمسك بالأقل بل فيه الخيار وإن بقي الأقل، لقول المص: "أو استحق شائع وإن قل"، وإنما الذي يمنع هو استحقاق العين وكذا يقال في قوله آخرا لأن استحقاق نصف الأرض لخ. نعم علل في المدونة تخيير المبتاع في رد ما بقي بقوله: لأنه قد إستحق من صفقته ما له بال. انتهى. ووجهه أن الأرض تنقسم وما ينقسم لا يكون الخيار فيه إلا باستحقاق ما له بال، وما تقدم من قول المص: "أو استحق شائع وإن قل" إنما ذلك فيما لا ينقسم. والله أعلم. انتهى.
وشبه في البطلان أي في بطلان البيع بطلان الشراء في قوله: كمشتر قطعة من جنان يعني أن من اشترى قطعة من جنان شخص، حال كون القطعة المشتراة بإزاء أي بحذاء بحذاء جنانه أي جنان المشتري للقطعة ليتوصل المشتري لها أي للقطعة من جنان مشتريه أي مشتري القطعة, وهذا من باب إقامة المظهر مقام المضمر أي لا ممر للقطعة المشتراة إلا من جنان ذلك المشتري, ثم استحق جنان المشتري فإن البيع ينفسخ في القطعة المشتراة لبقائها بلا ممر يتوصل لها منه، فالتشبيه في بطلان البيع من قوله: بطل البيع أي بطل البيع في تلك المسألة، كما أن الشراء يبطل في هذه المسألة: وقوله: "قطعة" مجرور بالإضافة إليه أو منصوب على المفعولية، وقوله: "من جنان" بالتنوين، ومن تبعيضية والمجرور مع جاره صفة لقطعة، وقوله: "ليتوصل" علة في الشراء, ولو قال المص: ليصل إليها من جنانه لكان أخصر وأظهر. وقوله: "جنان المشتري" هذه النسخة هي الصواب, وفي بعض النسخ: جنان البائع بدل المشتري وهي غير صواب؛ لأنه لو استحق جنان البائع فالبطلان لذاته لا لعدم التوصل لما اشترى.
ثم عاد لتتميم مسألة الأرض المبيعة بزرعها الأخضر، فقال: ورد البائع نصف الثمن يعني أنه إذا باع أرضا بزرعها الأخضر فاستحق نصف الأرض، فإن البائع يرد على المشتري نصف الثمن؛ لأن الأرض استحق نصفها وبطل البيع فيه وفي نصف زرعها، وله أي للبائع نصف الزرع الذي بغير