الشفعة: ولا اختلاف عندي في هذه المسألة إذا اختلفا في الثمن وحقق كل واحد منهما الدعوى على صاحبه, وأما إذا لم يحقق الشفيع الدعوى على المشتري وأتى المشتري بما يشبه، فقيل إنه لا يمين عليه وهو قول مالك في هذه الرواية، وقيل القول قوله مع يمينه إلا أن تكون على ذلك بينة بتقار البائع مع المشتري على ذلك. انتهى.
وقوله: أو كان ممن يتهم لخ ما أفاده كلامه من سقوط اليمين في غير هذين الوجهين هو ظاهر المدونة ومختار ابن يونس، وصرح المتيطي بأنه الأشهر في المذهب وقبله المص في توضيحه وغيره، ولكنه خلاف ما اختار اللخمي، ونصه: والأخذ باليمين اليوم في هذا أحسن لأن الناس قد كثر فيهم التحيل فيما يرون أنه يدفع الشفيع عن الأخذ، وربما أظهروا أن ذلك صدقة وهو في الباطن بيع إلا من كان من أهل الثقة والدين فلا يحلف. انتهى. وفي نوازل الشفعة من المعيار آخر جواب العلامة ابن مرزوق ما نصه: واليمين مع تحقق الدعوى متفق عليها ومع التهمة مختلف فيها، والراجح عندي في هذا الوقت اليمين مطلقا. انتهى. وفيه بعد هذا من جواب أبي عبد الله القوري ما نصه: الذي جرت به الفتوى وجوب اليمين ولو حصل الدفع بمعاينة عدلين هذا إن اتهما أن يزيدا في الثمن ولا تنقلب تلك اليمين لكثرة تحيل الناس ولفساد الناس واستحقاقهم التهم، صرح [بذلك (?)] الشيخ اللخمي في مواضع من تبصرته وهو في المائة الخامسة، فكيف لو أدرك زماننا؟ نعم يستثنى من ذلك المبرز في العدالة المنقطع في الصلاح والخير، وأين هذا اليوم؟ إنما هو في وقتنا كالغراب الأعصم بين الغربان. انتهى.
قلت: وإذا قال ذلك الإمامان المذكوران في وقتهما وهما في المائة التاسعة؛ إذ الأول ولد ليلة الاثنين رابع عشر ربيع الأول عام ستة وشين وسبع مائة، وتوفي عصر يوم الخميس رابع عشر شعبان عام اثنين وأربعين وثمان مائة، وصلي عليه بعد الجمعة، والثاني ولد بمكناسة أول القرن وتوفي سنة اثنين وسبعين وثمان مائة بفاس، فكيف لو أدرك وقتنا هذا وهو حدود العشرين بعد مائتين وألف، الذي لم يبق فيه من الدين إلا اسمه ولا من الإسلام إلا رسمه، فالعمل بما قالاه