أشهب: إن تبايعه ثلاثة فأخذها من الأول كتب عهدته عليه ودفع من ثمن الشقص إلى الثالث ما اشتراه به؛ لأنه يقول لا أدفع الشقص حتى أقبض ما دفعت ويدفع فضلا إن كان للأول, وإن فضل للثالث شيءٌ مما اشتراه به رجع على الثاني، وليس للثالث حبسة حتى يدفع إليه بقية ثمنه ثم يرجع الثاني على الأول بتمام ما اشترى به الشقص منه، وإن أخذها من الثاني فعهدته عليه ويثبت بيع الأول ويدفع إلى الثالث من ثمن الشقص ما اشتراه به؛ لأنه يقول لا أدفع الشقص حتى أقبض ما دفعت فيدفع فضلا إن كان للثاني وإن فضل للثالث مما اشترى به الشقص شيء رجع به على الثاني، ولا تراجع بين الأول والثاني لتمام بيعهما وإن أخذها من الثالث كانت عهدته عليه وتم ما قبل ذلك من بيع. انتهى.

وإذا تعددت البياعات وقلنا إنه يأخذ بأيها شاء، فإذا أخذ بواحد منها نقض ما بعده أي ما بعد المأخوذ به من البياعات، وتم ما قبله إن كان قبله بيع، ومعنى نقضه تراجع الأثمان، وقوله: "ونقض ما بعده" فإن أخذ بالأول نقض الجميع وبالوسط صح ما قبله ونقض ما بعده، وإن أخذ بالأخير ثبتت البيوع كلها، وقوله: "ونقض ما بعده" هذا بخلاف الاستحقاق إذا تداولت المستحق الأملاك فإن المستحق إذا أجاز بيعا صح ما بعده ونقض ما قبله، والفرق أن المستحق مالك للشيء بالأصالة فإن أجاز تصرف واحد صح ما بعده لأنه مرتب عليه ونقض ما قبله، وأما الشفيع الذي يأخذ بأي بيع شاء فإذا أخذ بواحد نقض ما بعده لأنه غير مجيز له وفسخ ما قبله لإجازته بإجازة الذي أخذ به. قاله بعض الشراح. وهو أظهر من فرق البساطي الذي في التتائي، فإنه يشبه الفرق بالصورة، وأما ما في أحمد فإخبار بالحكم لا فرق. قاله عبد الباقي وغيره.

وله غلته يعني أن غلة الشقص المشترى للمشتري إلى قيام الشفيع بالأخذ بالشفعة لأنه في ضمانه قبل الأخذ بالشفعة و [الخراج بالضمان]، وظاهره ولو علم أن له شفيعا وأنه يأخذ بالشفعة لأنه مجوز لعدم أخذه فهو ذو شبهة، قال المواق من المدونة قال مالك: من اشترى شقصا من أرض فزرعها فللشفيع أخذها بالشفعة ولا كراء له والزرع للزارع، ومن ابتاع نخلا لا تمر فيها فاغتلها سنين فلا شيء للشفيع من الغلة. انتهى. والضمير في "له" للمشتري للشقص، وفي "غلته" للشقص.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015