وعلم مما تقدم أن الاستلحاق إنما يصح إن لم يكذب المستلحق العقل أو العادة أو الشرع؛ إذ عدم تكذيب الشرع هو موضوع المصنف لقوله: "مجهول النسب" لأن معلومه لا يصح استلحاقه شرعا ومقطوعه كذلك كما مر التنصيص عليه. والله تعالى أعلم.

ولم يكن رقا لمكذبه ذكر المص في استلحاق مجهول النسب شرطين، أحدهما قوله: "إن لم يكذبه"، وثانيهما قوله: "ولم يكن رقا لمكذبه" أو مولى يعني أنه يشترط في صحة الاستلحاق أن لا يكون المستلحق بالفتح رقا لمكذب المستلحق ولا مولى له، بأن لم يكن رقا أو مولى أصلا أو كان رقا أو مولى لمصدق المستلحق في أن المستلحق ولده، وأما إن كان رقا لمكذبه أومولى لمكذبه فإنه لا يصح استلحاقه له، وهذا قول سحنون وقول لابن القاسم، وقال أشهب: يصح الاستلحاق فيكون ابنا له رقيقا أو مولى للمكذب وهو الظاهر من جهة النظر.

لكنه يلحق به قال مقيده عفا الله تعالى عنه: هذا راجع للمفهوم يعني أنه إذا كان رقا لمكذبه فإنه لا يصح استلحاقه كما عرفت، وهذا لابن القاسم في المدونة لكنه يلحق به على قول أشهب، وفسره الطخيخي بأنه راجع له أيضا أي إذا كان رقا لمكذبه أو مولى لا يلحق به لكنه يلحق به إذا تجدد له ملكه بعد ذلك فيعتق عليه كما يأتي للمص في قوله: "وإن اشترى مستلحقه" لخ، وقال الحطاب: في كلامه تدافع، فالصواب حذف قوله: "لكنه يلحق به" ليكون جاريا على قول ابن القاسم في المدونة؛ يعني قوله فيها: من استلحق صبيا في ملك غيره أنه لا يلحق به إذا كذبه الحائز له أو عدم اشتراط ما ذكر، وأن يلحق بمن استلحقه مع بقاء رقه وولائه لحائزهما ليكون جاريا على قول أشهب كما نقله ابن يونس عنه، بل وقع لابن القاسم أيضا في أول سماع عيسى من كتاب الاستلحاق نحوه. وقال ابن رشد: هو الصحيح إذ لا يمتنع أن يكون ولدا للمقر به المستلحق له، وعبدا للذي هو في يده. انتهى المراد منه.

وقال عبد الباقي: والشرط الثاني لوقوع الاستلحاق على الوجه التام، قوله: ولم يكن المستلحق بالفتح رقا لمكذبه أي شخص يكذب المستلحق بالكسر أو مولى أي معتقا بالفتح لمكذبه، فإن كان رقا لمكذبه أو مولى له لم يحصل الاستلحاق التام، بل إما أن لا يحصل أصلا وذلك إذا لم يتقدم للمستلحق بالكسر عليه ولا على أمه ملك لأنه يتهم على إخراج الرقبة من رق مالكها في الأول وعلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015