قررت أن المراد بالوارث الأبعد الوارث بالفعل، وأن المراد بالقريب الذي لا يرث من لا يرث الآن، سواءكان لا يرث أصلا أو يرث لولا الحجب.
وأشار إلى الوجه الرابع بقوله: أو لمجهول حاله يعني أن المريض مرضا مخوفا إذا أقر لمن جهل حاله هل هو صديق ملاطف أو قريب أو أجنبي غير ملاطف، فإنه يصح إقراره له بشرط أن يرثه ولد ابن أو ابنة، فإن لم يرثه ولد بطل إقراره هذا ظاهر المص، وتعقبه الحطاب بأنه يوهم عدم الصحة مطلقا ولا قائل به، وإنما في ذلك ثلاثة أقوال نقلها في التوضيح وغيره، ونص المواق: إن أقر لمجهول فإن ورث بولد جاز من رأس ماله وإن ورث كلالة ففي كونه من الثلث مطلقا أو من رأس ماله. إن قل وإن كثر بطل، ثالثها إن أوصى بوقفه حتى يأتي طالبه جاز من رأس المال، وإن أوصى أن يتصدق به عنه بطل مطلقا. انتهى. قال الحطاب: وظاهر كلام الشامل أن فيها قولا بالبطلان، وكأنه اعتمد ظاهر كلام المص. انتهى.
وقوله: "أو لمجهول حاله" قاله عبد الباقي، أو أقر لمجهول حاله أقريب أو صديق ملاطف أو أجنبي لا ذاته فإنها معلومة، كقوله لعلي أو لعمرو الذي بمكة عندي كذا ولم يعلم حاله أصديق ملاطف أو قريب أو أجنبي غير ملاطف، فيصح إن ورثه ولد ويكون من رأس المال سواء أوصى أن يوقف له ليعطاه إذا قدم أو يتصدق به عنه كما في الشارح، فإن لم يرثه ولد لم يصح وظاهره الإطلاق، وفي الشامل ما يفيد أن أصح الأقوال أنه إن أوصى أن يوقف حتى يطلبه من عين له الحاضر أو الغائب جاز من رأس المال إن استمر جهل حاله حين إتيانه، أو تبين أنه أجنبي غير ملاطف، فإن تبين خلافه بطل ولابد من علم عينه في هذين القسمين، وإن أوصى أن يتصدق به عنه لم يجز من ثلث ولا من رأس مال إن تبين أنه وارث، أو استمر جهل حاله لاحتمال كونه وارثاو، فإن تبين أنه غير وارث وغير ملاطف نفذ من رأس المال، وبهذا لا يشكل قولهم: الوصية بالصدقة عن الغير تصح من الثلث لأنه فيمن علم أنه غير وارث؛ لأنه يقدر دخوله في ملكه، وجعل الإقرار هنا في معنى الوصية فأعطي حكمها في بعض الصور. انتهى. قوله: لا ذاته فإنها معلومة لخ، قال البناني: هذا ظاهر المص لكن مقتضى عبارة ابن رشد أن ذلك في مجهول العين وهو الذي يقتضيه آخر كلام التوضيح. انتهى.