كالإجارة تلزم بالعقد، وإن وقعت بجعل كتوكيله على تقاضي دينه من غير تعيين قدره أو مع تعيينه ولكن لم يعين من هو عليه فكالجعل لا تلزم واحدا منهما قبل الشروع في العمل وكذا بعده بالنسبة للمجعول له، وتلزم الجاعل بالشروع وإن لم تقع بأجرة ولا جعل لم تلزم، فلكل منهما الترك متى شاء، وقوله: "لم تلزم" هو من تتمة القول الثاني فليس تكرارا مع قوله: "لا تلزم" كما هو ظاهر. انظر شرح الشيخ عبد الباقي. قال: وما ذكرناه في صورة الإجارة من أنه يعين فيها الأجرة والعمل نحوه في الشارح وهو واضح؛ لأن الإجارة تعين في مثل هذا بالعمل وبالأجل فقول المواق عن ابن رشد: لا يجوز إلا بأجرة مسماة وأجل مضروب وعمل. انتهى. الواو في قوله وعمل بمعنى: أو، وليس المراد بقوله "فكهما" أنها وقعت بلفظ الإجارة أو الجعالة، بل المراد أنه عين فيها الزمن أو العمل، ولذا قال: إن وقعت بأجرة أو جعل ولم يقل أو إن كانت إجارة أو جعلا، وكلام المص هذا في غير الوكالة في الخصام، بدليل أنه قدمها ثم حيث لم تلزم على القول الأول مطلقا، وعلى الثاني حيث لم تقع بأجرة أو جعل وادعى الوكيل أن ما ابتاعه لنفسه فإنه يعمل بقوله. أشار له الطخيخي.

تنبيه: إذا وكله بأجرة على خصومة مدينه لتخليص ماله منه فأعطى ما عليه من غير خصومة لم يستحق شيئا من الأجرة، قلت: ينبغي تقييده بما إذا لم يخف من سطوة الوكيل. اهـ كلام عبد الباقي. وقولي في صدر التقرير: لا تلزم الوكالة سواء وقعت بأجرة أو جعل تبعت فيه غير واحد، قال الرهوني: هذا ظاهر المص، وقد سلمه المحققون من أرباب الشروح والحوشي، ومقتضاه أن الخلاف إنما هو فيما إذا كانت بأجرة أو جعل وإلا فهي غير لازمة اتفاقا، ولم يذكروا ما أشار إليه بالطريقتين وكلامه في توضيحه يفيد أنه أشار بالتردد لما حكاه ابن عبد السلام، فإنه قال عند قول ابن الحاجب: والوكالة بأجرة لازمة كالإجارة ويجب العلم بالعمل وبجعل ثالثها تلزم بالعمل وبغيرهما جائزة وقيل تلزم الوكيل كالهبة. انتهى ما نصه: لما ذكر أن وكيل الخصام ليس له عزل نفسه شرع في غيره، وذكر أنها إن كانت بعوض على وجه الإجارة كانت لازمة لكل منهما بالعقد كسائر الإجارات، ويجب العلم بالعمل لأن الجهالة بالإجارة لا تجوز وإن كانت على وجه الجعالة فثلاثة أقوال فهمها من كلامه ظاهر وهي مبنية على الخلاف في لزوم الجعل، وإن كانت بغير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015